سبحان الله في طبع هؤلاء

TT

سبحان الله في طبع هؤلاء الذين يرفعون لافتة «المواطنة»، فنسير وراءها نردد هتافها ثم نكتشف أنها تعني: «لا للإسلام»، تماما كما أصبحت لافتة «دولة مدنية» تعني: «لا دينية».

قد يكون هناك رابط يربط اللافتتين، ولعلهما قد خرجتا من مدلول واحد يرفض السمة الإيمانية التي تميزت بها مصر منذ قديم الزمان ليحل الإلحاد مكانها ضاربا العقيدتين الإسلام والمسيحية معا.

لا أدري ما الذي يمكن أن يغضب مواطنا، مؤمنا بالمواطنة، من مقولة قالها الرئيس الراحل أنور السادات: «أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة»، حتي يكون رده عليها: «اعتبرناه قدم استقالته أمام المسيحيين»؟

هل كان المطلوب من محمد أنور السادات أن يتبرأ من إسلامه؟ وهل كان المطلوب منه أن ينكر حقيقة أن مصر دولة دينها الرسمي الإسلام، رغم علمانيتها في معظم ممارساتها، ورغم أن السادات نفسه لم يكف لحظة عن قوله: لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين؟

وما معنى هذا الدفاع الحار عن أناس يشغلون أنفسهم بمهاجمة أزياء يرتديها مواطنون لهم حرية ارتداء ما يحبون ويختارون؟

هل من حرية المواطنة أن أسب أو أسخر من اختيارات آخرين، وأحرض لسلبهم حرية ارتداء ما يحبونه ويرونه متوافقا مع عقيدتهم؟

كيف يتأتى لمواطن أن يستنكر علنا زيا شرعيا أحبت مواطنات مصريات أن يلتزمن به، ولم يُلزمن به غيرهن، وتخرج الزمرة اللادينية في زفة مغالطاتها تقول: هذا حق المواطنة؟

لقد لبست نساء مصر، مسلمات ومسيحيات، المَلَس، بلونه الأسود الغالب، والذي هو بعبارة أخرى الإسدال والعباءة والملاءة، إلى آخر تنويعات الثياب الساترة، ولم يكنّ يوما بحاجة إلى محاكاة لأزياء الشادور من إيران أو أفغانستان أو باكستان، بل لعل ما يرتدينه نساء تلك البلاد العزيزة هو المحاكاة لما لبسته «أم المَلس» و«بهية المصرية أم الطرحة والجلابية»، فلماذا هذا التعريض الذي زاد على حده، وبلغ معدلاته الخطرة، بالمواطنة المصرية التي اختارت، بحريتها، أن تحاكي ما كانت ترتديه سيدة نساء العالمين مريم ابنة عمران سلام الله عليها؟

ولاحظوا قولي: «سلام الله عليها»، فهذه هي التحية اللائقة بسيدتنا، وهي تحية لا تعجب البعض واعتبروها من مخالفات الإلتزام الإسلامي وقال فيها من قال أنها تدعو «لشق وحدة الصف الوطني، وفصم عرى العلاقة بين المسلمين والأقباط والتمييز بينهم، وصوبت سهامها المسمومة نحو كل ما يوحد بينهم فبدلا من التحيات العامة واللطيفة مثل: صباح الخير أو مساء الخير، نهارك أبيض، نهاركم سعيد مبارك، صباح الهنا، صباح الفل، اتمسوا بالخير، العواف، فتكم بعافية .... راحت الجماعات الإسلامية تستبدل بها تحية إسلامية واحدة هي السلام عليكم باعتبارها تحية الإسلام....»!

هل ترون إلى أي مدى وصلوا في تعصبهم وتطرفهم العلماني اللاديني؟

يا ناس: من هذا الذي ينسى صلاة الملائكة عند مولد المسيح: «.... وعلى الأرض السلام..»، وقول السيد المسيح: «سلام لكم..»، حتى يُظن أن تحية «السلام عليكم» تفرق بين المسلمين والمسيحيين؟

إن المواطنة مطلب لوأد الفتنة فلماذا يريدونها وقودا لإشعالها؟

الحق أنه: كما وحّد الإيمان المسلم والمسيحي فعاشا في سلام، وحّدت اللادينية الرافضين للتديّن فأشاعوا الفتن التي هي أشد من القتل.