كل تأشيرة وأنتم أكثر صبرا

TT

من حق القنصليات أن تأخذ ما تحتاج إليه من الوقت للتحري عن شخصية المتقدم بطلب الحصول على التأشيرة، لكن أن تحجز جواز سفر المتقدم شهرا أو اثنين، فلا شيء يستوجب إبقاء جواز المتقدم كل هذه المدة، رغم حاجة الناس إلى جوازاتها للقيام برحلات أخرى، وأعرف من ضاعت إجازاتهم الصيفية لهذا السبب، إذ ليس ثمة زمن محدد يمكن أن يستعيد فيه الراغب في التأشيرة جوازه من بعض القنصليات.

في هذا العصر الذي بلغت فيه تقنية المعلومات ذروة تقدمها، يغدو حجز جوازات طالبي التأشيرة شهرا أو أكثر غير مبرر، وكان منصفا لو اكتفت تلك القنصليات بصورة للجواز، ومطابقتها مع الأصل، ثم أخذ الوقت الذي تريده بعد ذلك لاستصدار التأشيرة.

وقد عشت مع صديقين هذا الصيف تجربتين متصلتين بطلب التأشيرة، الأول كان يخطط للسفر مع عائلته إلى إحدى الدول الغربية، فصدرت تأشيرات أفراد العائلة إلا رب الأسرة، وحينما أفرج عن جوازه بعد أكثر من شهر كانت الأيام المتبقية من إجازته لم تعد تكفي لغير البقاء في البيت، أما الثاني فكان طالبا يدرس في الخارج، وجاء لزيارة أسرته، وتقدم بطلب تأشيرة ليتمكن من العودة إلى بلد الابتعاث، فأبقت القنصلية جوازه نحو ثمانية أسابيع، عاش خلالها على رصيف القلق والتوتر، فهو لم يعد يعرف إن كان بإمكانه العودة إلى مقاعد الدراسة من جديد أم أن ذلك آخر المشوار بالنسبة إليه، وذلك يعني ضياع مستقبله الدراسي، الذي قطع شوطا طويلا فيه. وحينما تسلم جوازه قبل موعد رحلته بيومين كان كمن استعاد أمله من ركاب اليأس.

وقد اضطر الطلاب السعوديون المبتعثون في الولايات المتحدة الأميركية قبل نحو عامين - بحسب «العربية نت» - إلى إطلاق حملة إلكترونية بعنوان «تأشيرتي تهدد مسيرتي»، فثمة أعداد من هؤلاء الطلاب يضطرون إلى عدم الاستفادة من إجازاتهم للسفر إلى بلادهم، خشية عدم منحهم تأشيرة للعودة لإكمال دراساتهم، حتى إن بعضهم قضى أكثر من خمسة أعوام، دون أن يتمكن من زيارة أسرته في السعودية، رغم رحيل بعض أعزائهم، متمنيا أن يكون هذا الوضع قد تم تجاوزه.

وكل تأشيرة وأنتم أكثر صبرا.

[email protected]