التداعيات الاقتصادية للإرهاب

TT

صناعة السياحة في العالم كله تترنح... شركات الطيران تصرف موظفيها بالآلاف وتهدد بوقف خدماتها... شركات التأمين تحتسب خسائرها بمليارات الدولارات... اسواق المال تتخوف من حالة ركود عالمية، ورئيس بنك الاحتياط الفيدرالي الاميركي، آلان غرينسبان، يعترف ان لا احد يملك القدرة على وضع تصور كامل للمؤثرات النهائية لمأساة 11سبتمبر (ايلول) على اسواق العالم ووزير الخزانة البريطاني، غوردون براون، يحذر من ان الاقتصاد العالمي يمر الآن في «فترة امتحان».

غياب الوضوح في الصورة الاقتصادية والمالية والتخوف من المجهول اصبحا «الارث» الدولي للهجمات الانتحارية على واشنطن ونيويورك. ومن الواضح ان ما حدث في الولايات المتحدة ينسحب تأثيره على العالم كله، دولا ومؤسسات وافرادا، في ظل الترابط المتنامي بين اقتصاديات الدول الاوروبية والولايات المتحدة في اطار حركة «العولمة التجارية».

لا جدال في ان اقتصاد الغرب، والاقتصاد الاميركي بصورة خاصة، هما «قاطرة» الاقتصاد العالمي، سواء كان هذا الاقتصاد «معولما» ام لا. واذا كانت دول الاتحاد الاوروبي تتجه الى تخفيف قيودها الصارمة على الإنفاق بحيث يتجاوز العجز في موازناتها نسبة الـ3 في المائة من الناتج القومي الاجمالي، أملا في المساهمة في اعادة تحريك الدورة الاقتصادية، فإن تسارع التطورات الاقتصادية والمالية يبرز اهمية تحسب العالم العربي ايضا لانعكاسات حالة الركود العالمي على اقتصادياته، وبصورة خاصة الدول غير المنتجة لسلعة اساسية مثل النفط الخام. وفي هذا السياق كانت مؤسسة التمويل الدولية ـ التي تمثل بنوكا عالمية وخبراء في ادارة التوظيفات المالية ـ سباقة في التحذير من ان وتيرة انسياب رساميل القطاع الخاص نحو الاسواق النامية سوف تتباطأ الى ادنى مستوى لها، مما قد يضع هذه الدول في مواجهة اصعب الظروف الاقتصادية منذ ازمة المديونية العالمية في الثمانينات.

واذا كانت هذه المعطيات غير الواعدة تستوجب من الدول العربية اتخاذ اجراءات سريعة لتدارك الوقوع في حالة ركود شاملة، فانها تستدعي ايضا مساهمة مؤسسة النقد الدولية والبنك الدولي في توسيع نطاق دعمهما للدول النامية الاكثر تضررا من التداعيات الاقتصادية لأحداث 11 سبتمبر الحالي والتساهل في شروط الاقراض، على الاقل بالنسبة للدول التي تنفذ برامج اصلاح اقتصادي مجد.