فرصة أفغانستان لترتيب أوضاعها

TT

مساكين هؤلاء الافغان، فلا نعرف امة ابتليت بما ابتلوا به، فقد احتلهم السوفييت واسقطوا مؤسستهم السياسية فقضوا بذلك على افغانستان الدولة، وأعقبهم المجاهدون الذين هدموا في لعبة الحرب بينهم كل ما وقف من عمران حتى احالوه خرابا، وانتهت حرب المجاهدين باستيلاء طالبان على الحكم التي عطلت كل ما تبقى من اسباب الحياة، وضربهم الجفاف عامين فمات الكثير من السكان ونفقت مواشيهم، واستضافت كل من لجأ اليها من الافغان العرب المنبوذين في بلادهم ليتسببوا في قطيعتهم مع العالم بأجمعه، وفجأة تصبح بلادهم محور العالم تحتل نشرات الاخبار. وها هي اكبر قوة في العالم تهدد بالقضاء على كل ما تبقى فيها.

مؤلم حال شعبها الذي عانى وعانى من تقلبات الحروب حتى لفظ مليونا انسان على الحدود مع باكستان اكثرهم في وضع مزر من الجوع والبرد وآلاف منهم هائمون على وجوههم يبحثون عن مأوى في جنوب آسيا واستراليا. هذا هو حال افغانستان الذي يحزن قبل ان تصل اليه الارمادا الاميركية والذي يستحق منا جميعا ان نقلق عليه لا ان نقلق منه. ولعل هذه الحادثة تعطي افغانستان مع اهتمام العالم فرصة لتخلص البلد من مشاكل دامت اثنين وعشرين عاما، لتخلصه من لوردات الحرب وجنرالات المخدرات ومشاكل الافغان العرب فتعيد اليه الراحة والاستقرار اللذين كانا رمزه قبل ان يسقط الشيوعيون الملكية في مطلع الثمانينات. ان على الاميركيين ان يفكروا، وهم يعتزمون القضاء على طالبان، ويبحثوا عن حكم يعيد للبلاد أمنها وللشعب عافيته، فتكون هذه الازمة نهاية ازماته التي لم يلتفت اليها الا قلة في العالم. فمأساة الاميركيين اليوم في حوادث التفجير هي نتاج لمرض افغانستان البلد الذي ادار العالم ظهره له بعد ان قضى حاجته منه وانتهى مفعوله في الحرب الباردة ولم يعد طريقا مفتوحا للروس. مأساة الاميركيين هي مأساة كثير من دول المنطقة التي ضربها الارهاب الآتي من افغانستان والذي يهدد مستقبلها. لذا يمكن ان يخرج من ازمة افغانستان بلد جديد يحكمه نظام مسؤول ينشغل باصلاح البلد وتحميه ارادة دولية، ويمكن ان ينجم عن هذا الوضع المأمول تعطيل لحركة الارهاب التي كانت تخرج من مغارات قندهار وترد مع اكياس المخدرات المهربة.

ولأن افغانستان استعصت على كل دول المنطقة التي حاولت اصلاحها او ردعها، فان دول المنطقة، مهما قيل غير ذلك، تريد للحملة ان تنجح ولكابل العاصمة ان تنظف ولشجر الخشخاش ان يقطع. هذه الفرصة بسلاح هو سلاح غيرهم. وهو أمل الافغان المهددين دوما بالجوع من الجفاف والموت بسبب الحروب الاهلية، في ان تبلغ المأساة نهايتها.