لا يزال ابن الرومي قوي المفعول!

TT

كان أستاذنا العقاد يعرف تماما أن الشاعر ابن الرومي يخشى على من يهتم به. فأسرف العقاد في الاهتمام به. وذهب العقاد إلى أبعد من ذلك فاختار بيتا رقم «13»، وهو رقم الشؤم، ووضع على مكتبه تمثالا لبومة، وهي أيضا رمز الشؤم.. وانتظر العقاد. ويبدو أن أستاذنا لم يتبين أن الشؤم قد أصابه، وأنه عاش به واستغرقه وأغرقه، لكنه لم يشعر بأبهة ابن الرومي (837 - 896م). وابن الرومي هو أشهر شعراء زمانه في بغداد، وأعظمهم قدرا، وأكثرهم علما وبلاغة وتنوعا. ولم يتفوق عليه أحد في المديح أو في الهجاء، خاصة في الهجاء. وكان إذا اهتدى إلى معنى ظل يستخرج منه المعاني حتى تطول به القصيدة إلى مئات من الأبيات.

وابن الرومي عنده من الأسباب ما يجعله حاقدا على الدنيا كارها للناس. فقد مات كل أولاده وزوجته وأخوه. وهو الذي قال:

«هل العين عند السمع تكفي مكانه

أم السمع بعد العين يهدي كما تهدي؟»..

طبعا لا.. إذا فقدنا العين فإن الأذن لا تستطيع أن تقوم بدورها.

وكل من مدحه ابن الرومي انقض عليه يسخر منه حتى نفر منه الكثيرون وتربصوا به. حتى وضعوا له السم فمات..

ومنذ أيام نشرت الصحف أن أديبا شابا من أدباء الريف كان قد كتب دراسة عن ابن الرومي وأهداها إلى الأستاذ العقاد يتحدى النحس المعروف عن ابن الرومي.. فدهسه الأوتوبيس وهو يعبر الشارع في طريقه إلى القطار قادما إلى القاهرة!

ومن الغريب أن هذا الشاب قد أخبر والديه وأساتذته بأنه سوف يقوم بتجربة فريدة، وأنه يريد أن يتأكد بنفسه إن كان الذي أشيع عن ابن الرومي صحيحا أم لا، وأن الأستاذ العقاد قد أصابته لعنة ابن الرومي التي هي أسرع وأقوى من لعنة الفراعنة. وقال إنه كفيل بأن يقضي على هذه الخرافة!

وكثرت القصص والحكايات فقالت خطيبته إنه فاجأها في يوم من الأيام بفسخ الخطبة ولم تكن لذلك أي مقدمات.. ولما سئل قال «لا أعرف السبب حتى الآن»!

فاللهم أدركنا - من هذه اللعنة - قراء وكتابا!