المدرسة الإيرانية ومدرسة الإسلام

TT

يتحدث الجميع هذه الأيام في إيران عن معلم أحمدي نجاد. وكما نعلم فإن رحيم مشائي، هو بمثابة المعلم الروحي لأحمدي نجاد. ويحاول مشائي وضع النظريات للحكومة، إلا أنه يبدو، في الوقت الحاضر، أن مشائي أصبح جزءا من المشكلة لا جزءا من الحل.

1) فقد قال إن إسرائيل صديقة لإيران، إلا أنه عاد ليصحح وجهة نظره قائلا إنه كان يقصد شعب إسرائيل (لا الحكومة). وقد رفض آية الله خامنئي في خطبة صلاة الجمعة وجهة نظر مشائي.

2) وقال إن جميع الأنبياء لم يتمكنوا من تحقيق العدالة، حتى نوح في حياته الطويلة، التي امتدت لأكثر من 900 سنة، لم يستطع إتمام مهمته.

3) وقال إن الله لا يمكن أن يشكل الإيمان به أرضية مشتركة لتوحيد البشر. وقال إننا بحاجة إلى مفهوم آخر لتوحيد العالم.

4) وقال مؤخرا: «هناك تفسيرات مختلفة للإسلام، ولكن فهمنا للطبيعة الحقيقية لإيران والإسلام يتجلى في المدرسة الإيرانية. من الآن فصاعدا، يجب أن نقدم للعالم المدرسة الإيرانية».

وأضاف «من دون إيران يضيع الإسلام... إذا كنا نريد تقديم حقيقة الإسلام إلى العالم، فينبغي أن نرفع العلم الإيراني، وإسلام الإيرانيين مختلف ويحمل مشاعل التنوير. إننا سنصوغ المستقبل».

وقد انتقد الكثير من رجال الدين البارزين مشائي في الماضي. وقد انتقد كل من آية الله جنتي، رئيس مجلس صيانة الدستور، وآية الله مجتهدي، رئيس مدرسة قم، وفيروز آبادي، رئيس أركان الجيش، وآية الله العظمى مكارم الشيرازي، تعليقات مشائي. وآخر انتقاد رفيع المستوى لمشائي كان من آية الله مصباح يزدي. وقد هاجم آية الله محمد تقي مصباح يزدي، رئيس معهد الإمام الخميني للتعليم والبحوث، بشدة أولئك الذين «يروجون للمدرسة الإيرانية بدلا من مدرسة الإسلام»، وذلك أمام حشد من قادة ومسؤولين من الجيش الإيراني والحرس الثوري. وقال مصباح يزدي: «هؤلاء ليسوا أصدقاء لنا، ليس لدينا صداقة دائمة مع أحد إلا لأولئك الذين يتبعون المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، والإسلام. هل امتنع الإمام الخميني في أي وقت من الأوقات عن استخدام كلمة الإسلام في خطاباته واستخدم بدلا منها كلمة إيران؟ وإذا أردنا اتباع مسار الخميني، الذي كان المسار الصحيح للإسلام الحقيقي، علينا أن نتبع نفس نهجه».

من ناحية أخرى، ألقى محمود أحمدي نجاد مرة أخرى بثقله وراء مساعده رحيم مشائي على الرغم من ردود الفعل الغاضبة على نطاق واسع من المحافظين.

وقال أحمدي نجاد للصحافيين، بعد جلسة لمجلس الوزراء، الأربعاء: «مشائي هو رئيس موظفي الرئاسة.. ولدي الثقة الكاملة فيه.. ومواقفه هي نفس مواقف الحكومة».

على ما يبدو ليس هناك من سبيل لحل هذه المشكلة إلا بتدخل آية الله خامنئي لينهي هذا الخلاف بين المحافظين. ويمكن في الوقت الحاضر لخامنئي أن يقول إنه كان محقا في قراره عندما أمر بإقالة مشائي من منصبه المهم جدا كنائب أول للرئيس، لكن أحمدي نجاد عاد وعينه مديرا لموظفيه، والجميع يعلم أن مشائي هو الرجل الثاني في حكومة أحمدي نجاد، بل إن البعض يعتقدون أنه معلم أحمدي نجاد.

لكن ما هو لب القضية؟ لماذا يتحدث مشائي عن المدرسة الإيرانية، ولماذا يفضل هذه المدرسة على الإسلام؟ لماذا يحاول أحمدي نجاد ومعلمه إظهار أنهما صديقان لإسرائيل، وأنهما يريدان الحوار مع الرئيس أوباما في أقرب وقت ممكن.. وغيرها من الأمور؟

يبدو لي أنهما يفكران في الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران التي ستجرى في يونيو (حزيران) 2013، وهذا هو السبب الذي يجعل أحمدي نجاد يتحدث عن الحكومة الحادية عشرة واستراتيجيتها، ومشائي يقول إن الحكومة الجديدة ستكون حكومة عالمية.

إنهما يفهمان أو يفترضان أن الإيرانيين يكرهون رجال الدين المرتبطين بالحكومة، والإسلام الذي تمثله «ولاية الفقيه». لذا تحاول دائرة أحمدي نجاد إنشاء ملجأ جديد لها، للحصول على أصوات الإيرانيين. ومن ناحية أخرى، ترمي لاجتذاب دعم قوي من الولايات المتحدة.

وهذا هو السر الواضح في علاقة أحمدي نجاد بمشائي، ففي شعاراتهما هما ثوريان للغاية، ولكن وراء الكواليس هناك جانب آخر.

من جانبه، قال آية الله مصباح مؤخرا إن إيران ستتعرض لفتنة جديدة وقوية! إنه لا يزال يشير إلى حركة المعارضة الخضراء باعتبارها فتنة ولكنه هذه المرة كان يرى أنها ستكون أقوى.

وماذا يكمن في جوهر هذه الفتنة الجديدة المزعومة؟ عندما يقول آية الله مصباح، معلم وزراء أحمدي نجاد، إنه يعتقد أن إيران ستواجه فتنة جديدة، فهذا يعني أننا نواجه تناقضا شديدا بين المحافظين.

وبعد توجيه عدد كبير من آيات الله انتقادات حادة لمشائي، يبدو أن الانتقادات ستمتد إلى الحرس الثوري. وعلى سبيل المثال، لقد منع بعض ضباط الحرس الثوري، أثناء اجتماعهم بأحمدي نجاد في مكتبه، مشائي من إنهاء محاضرته التي ألقاها أمام أحمدي نجاد.

ولكن ما هو موقف آية الله خامنئي؟ عندما عين أحمدي نجاد مشائي كنائب أول للرئيس في 18 يوليو (تموز) 2009، أمر خامنئي مشائي بالاستقالة من مجلس الوزراء. وقد صرح النائب الثاني لرئيس البرلمان الإيراني محمد حسن أبو ترابي فارد في 21 يوليو (تموز) قائلا: «إن إقالة مشائي من المناصب الرئيسية، ومنصب النائب الأول للرئيس، قرار استراتيجي اتخذه النظام وطالب المرشد الأعلى بإقالة مشائي من هذا المنصب وقدم أمرا كتابيا بهذا الخصوص إلى الرئيس. ومن دون أي تأخير، يجب الإعلان عن قرار الفصل أو استقالة مشائي من جانب الرئيس».

ودافع خامنئي في خطبة لصلاة الجمعة، عن أحمدي نجاد قائلا: «إن نجاد أقرب لي من هاشمي رفسنجاني. حسنا، ومشائي أيضا أقرب رجل إلى قلب أحمدي نجاد. من الذي يستطيع حل هذه المعادلة؟».