نجاحات الرئيس أوباما

TT

أدرك جيدا أن ذلك يعد انفصالا راديكاليا عن العرف الصحافي، ولكنني أود اليوم الاعتراف بما قدمه الرئيس باراك أوباما. والحق، لقد حقق الرجل سلسلة من النجاحات الحقيقية.

من الصعب أن نتذكر أن حفل التنصيب كان قبل 19 شهرا فقط، وقد كانت التوقعات بشأن الرئيس الجديد كبيرة بصورة تنافي العقل. ولو كان أوباما قد قام برحلة قصيرة عبر نهر بوتوماك، لواجه عندما يصل إلى الجانب الآخر أسئلة عن سبب استغراقه وقتا طويلا في علاج السرطان وحل النزاع العربي – الإسرائيلي، وبدء عصر يسود فيه الرخاء والسلم مختلف أنحاء العالم.

ولكن، لننظر إلى ما قام به خلال الأسابيع القليلة الماضية، واسمحوا لي أن أشير إلى أربعة عناوين ظهرت أخيرا.

«آخر القوات الأميركية المقاتلة يغادر العراق»: دخل أوباما الحملة الانتخابية كمعارض صريح للحرب العراقية منذ البداية، ووصفها بأنها نقطة تشتيت عن صراع أكثر أهمية دائر في أفغانستان. وعندما تولى مهام منصبه، كان هناك نحو 160.000 جندي داخل العراق في أعقاب عملية زيادة القوات في عهد سلفه جورج دبليو بوش. وقال أوباما إنه سيعيد القوات المقاتلة إلى أرض الوطن، وقد فعل، وكان ذلك قبل الموعد المحدد.وقبل فجر يوم الخميس، كانت آخر كتيبة أميركية مقاتلة تعبر إلى الحدود ماضية في طريقها إلى الكويت، وبذلك توضع النهاية لمصيبة عسكرية أطلق عليه بوش «عملية تحرير العراق». ويبقى نحو 50.000 من الجيش الأميركي داخل العراق من أجل تدريب القوات الحكومية العراقية وحماية المنشآت الأميركية والقيام بعمليات تنفذها القوات الخاصة. وخلال ذلك، نخلف وراءنا وضعا سياسيا ضبابيا وفوضويا سيكون على العراقيين التعامل معه. وسيكون علينا أيضا التعامل مع التبعات الجيوسياسية المقلقة إلى حد بعيد لحرب بوش الانتخابية، فالدكتاتورية الثيوقراطية داخل طهران لم يعد يحد من طموحاتها صدام حسين، وهي بذلك أقرب كثيرا من تحويل إيران إلى قوة عظمى إقليمية مسلحة نوويا.

ولكن أوباما تصرف بصورة جيدة مثلما كان سيفعل أي شخص حيال هذا الوضع الذي ورثه. وحتى منتقدوه الجمهوريون، بصمتهم، يعترفون بأن الرئيس حقق تعهده الانتخابي بأن يكون «حريصا في الخروج من العراق مثلما كنا مندفعين في الدخول إليه».

«جنرال موتورز تطرح أسهما للاكتتاب»: من بين الأزمات الكثيرة التي واجهها أوباما عندما تولى مهام منصبه، جاء شبه الانهيار الوشيك لعملاق صناعي بارز. وكان زوال «جنرال موتورز» سيؤدي إلى خسارة مئات الآلاف من الوظائف في الشركة وسلسلة التوريد، وهو ما كان سيوجه صفعة قوية إلى نفسية المواطنين داخل الولايات المتحدة.وانتهى الأمر بأن قام أوباما بضخ 50 مليار دولار في الشركة، وحصل على حصة ملكية نسبتها 61 في المائة. واشتكى منتقدون من ظهور «موتورز الحكومية»، وأثاروا شبح بيروقراطيين داخل واشنطن يعقدون جلسات عامة من أجل إعادة تصميم السيارة «كورفيت». ولكن حاليا، بعد أكثر من ملياري دولار في صورة أرباح حتى الآن خلال العام الحالي، نجد الشركة المعادة هيكلتها لديها ثقة كافية لبيع أسهم داخل وول ستريت وبدء إعادة الاستثمار الحكومي. وأنقذت الشركة، وحافظ العمال على وظائفهم، وسيحصل دافعو الضرائب على أموالهم. حقا إنه عمل رائع. «تم احتواء التسرب النفطي في الخليج»: عندما وقع خلل في بئر «ديب ووتر هوريزن» التابع لشركة «بي بي»، وجهت انتقادات إلى إدارة أوباما بسبب التباطؤ في علاج الوضع. وكان لبعض الانتقادات ما يبرره، ولكن تمكنت الإدارة من تحسين الأوضاع وهدأت أي حديث عن «كاترينا أوباما».وأقنع أوباما شركة «بي بي» بتقديم 20 مليار دولار كضمان بأنه سيتم تعويض سكان ساحل الخليج الذين تعرضت أوضاعهم المعيشية إلى الدمار بسبب التسرب النفطي.وسرعان ما هرع جمهوريون لإسكات منتقدين من الحزب الجمهوري وصفوا ذلك بأنه «ابتزاز». وفي هذه الأثناء، عززت الإدارة من استجابتها وعثرت على وسائل فعالة للحفاظ على النفط بعيدا عن الوصول إلى الشاطئ. وتزعم الإدارة أنه تم التخلص من ثلاثة أرباع النفط - بصورة طبيعية أو من خلال تدخل بشري - قبل أن يتمكن من إفساد البيئة. وعلاوة على ذلك، لا تزال هناك بعض الأسئلة الجادة بشأن الآثار طويلة الأجل للمشتتات الكيميائية التي استخدمت بكميات غير مسبوقة. ولكن، قبل أشهر قليلة، من كان يتخيل أن الرئيس وعائلته سيكون في استطاعتهم الاستمتاع بيوم في شاطئ على الخليج ووجبة من الأطعمة البحرية من الخليج؟

وفي النهاية: «الرئيس يدخل إلى جدل بشأن مسجد»: نعم، أنا جاد في الأمر. دعم بناء مسجد في لوار مانهاتن لا يساعد على تحقيق أي مكاسب سياسية. ولكن رأى أوباما أن عليه الالتزام بقيم دستورنا وتوضيح أن حربنا ضد الإرهابيين وليست ضد الإسلام ذاته. وبدلا من أن يقوم بالشيء الذي يحظى بشعبية، قام بالشيء الصحيح.

ولكنه لم يمشِ على الماء. ما المشكلة في الرجل؟

* خدمة «واشنطن بوست»