في رفقة جورج ستيفنسون

TT

أمضيت جزءا كبيرا من هذا الصيف (في الحقيقة جزءا كبيرا من عمري) مع المستر ستيفنسون، جورج ستيفنسون. وكان يذكرني باستمرار، دون إلحاح أو لجاجة، بأنني أعيش معظم يومي على اختراعات دبرها لنا الآخرون. لم يكن يعددها، وإنما كان يومئ إليها بتواضع. وأيضا بمعرفة. كلما قطعت معه مسافة ما، يحاول أن يؤكد نظريته. فلنبدأ بالأشياء البسيطة جدا: نظارات القراءة. من دونها لا يمكن أن تقرأ صحيفة الصباح. والبدل التي ترتديها، اختراع. طبعا أنت نسيت ذلك، لكن البدلة اختراع. والسيارة اختراع. والرجل الذي نقل الإنسان من الحفاء إلى الحذاء كان مخترعا. والساعة اختراع جميل. والمطبعة التي تؤمن لك متعة الكتاب، اختراع. ومعجون الأسنان اختراع هائل. وكذلك دواء الضغط والسكري. وراديو السيارة. والتلفزيون. والهاتف، منقولا أو كاتبا أو محمولا. وقلم البايرو الناشف اختراع عظيم.

والمصعد اختراع. والزجاج اختراع. والآن صنع المقاعد وتهذيب الجلد اختراع. والمسكن الذي يساعدك على تحمل غلظ الغلظاء، اختراع مذهل. ولو أنه محدود الفعالية. أي لا يغير شيئا من غلظهم.

إن الأشياء الطبيعية تشكل نزرا يسيرا في يومنا العادي. الباقي صناعة صارت تبدو وكأنها هي الطبيعة. لولا هذه الصناعة لكنا نعيش الآن في الأرياف، في بيوت مصنوعة من القش أو من الطوب. وكان الإنسان يموت بردا وحرا. ولم نكن لنقدر على عبور القارات بالسفن ثم بالطائرات. صار كل شيء يبدو عاديا لكن لا شيء عادي في حياتنا. كلها أشياء مضافة دفعنا إليها، أو دفعها إلينا، رجال فائقون. هؤلاء نسمي العصور بأسمائهم، منذ أن أخرجونا من العصر الحجري. ليس هناك اختراع عادي واختراع مهم. كل اختراع عبقرية عظيمة. وأنا في رفقة المستر ستيفنسون، فكرت بالرجل الذي اخترع الأسبرين. والذي اخترع عربة السوبر ماركت للمتقدمين في السن. وفي الذين اخترعوا اللقاحات الطبية وزراعة القلب والكبد. في الذي اخترع المجس الطبي الذي يبلغ الأطباء بتعرقل حركة السير في أبداننا. كيف كانت الدنيا من دون صناعة الحياة. الله تعالى يمنحنا نعمة الحياة ويعطينا نعمة البحث عن وسائل لحمايتها. تصور ظلام هذا العالم من دون كهرباء أديسون. ما كان شيء ليتحرك إلا دمى الخشاب. الحقيقة، أسعدتني رفقة المستر ستيفنسون، جورج ستيفنسون. الرجل الذي غير وجه العالم عندما اخترع القطار. بسببه توسعت أمم وقامت بلدان وانتعشت شعوب. تخيل الهند من دون هذه القطارات التي تحمل عشرات الملايين كل يوم. تخيل كم يلغي من فقرها. وتخيل ماذا يفعل للصين. بل حتى لبلد في حجم قبضة اليد، مثل لوكسمبورغ.