حانوتي النجوم!

TT

يحظى «باب الحارة»، المسلسل السوري بقدر كبير من الجماهيرية والتفرد؛ فـ«باب الحارة» وسط الكثير من مسلسلات التهريج التي تقدمها القنوات الفضائية العربية خلال هذا الشهر الكريم يعتبر أكثرها احتراما للمشاهد العربي، وأبرعها إتقانا للحبكة الدرامية، وهذا المسلسل يعكس تطور الدراما السورية، وتجاوزها لهيمنة الممثل الواحد، وعقدة البطولة المطلقة، فالبطولة في الأعمال السورية غالبا ما تكون لفريق العمل بأكمله، ويستحق بسام الملا، مخرج «باب الحارة» لقب «حانوتي النجوم»، فهو يتخلص في نهاية كل جزء من كبار نجوم مسلسله بالموت الدرامي، فقتل وغيّب عباس النوري (أبو عصام)، وسامر المصري (أبو شهاب)، ونزار أبو حجر (أبو غالب)، و«مشي في جنازاتهم»، وكنت أعتقد أن غياب هؤلاء النجوم سيودي بالمسلسل ونجاحاته، إلا أن هذا المخرج الذكي استطاع أن يحتفظ لمسلسله بجماهيريته، وكثافة مشاهديه، وأن يقدم عملا دراميا ناجحا بمختلف المعايير.

وقد كتبت ذات مقال أن باب الحارة مسلسل بسبع أرواح، ففي كل مرة يظن المشاهد أن غياب الـ«سوبر ستارز» أمثال النوري، والمصري، وأبو حجر سيؤثر سلبا على المسلسل، نجد المخرج المبدع بسام الملا يزج بشخصيات جديدة، وأدوار جديدة، تزيد العمل ثراء وتشويقا وإثارة، وبالتالي استحق «باب الحارة» أن يشكل علامة فارقة في تاريخ المسلسلات العربية، وحسنا يفعل بسام الملا إن أوقف هذا المسلسل عند هذا الحد، ولم يستجب لإغراء العروض، فأنا أخاف على هذا المسلسل من «التمطيط» و«الحشو» و«الإطالة».

استمرار نجاحات «باب الحارة» دون نجومه الكبار يمكن أن يشكل درسا يهدى للكثير من مخرجي الدراما العرب، الذين لا يزالون أسرى النجم الواحد، الذي يبتلع ميزانية المسلسل، ولا يبقي لفريق العمل بأكمله سوى الفتات، فهذه الوصفة الناجعة التي قدمها المخرج بسام الملا يمكن تطبيقها على الكثير من المسلسلات المصرية والخليجية، فنتخفف من جرعة حضور بعض النجوم، الذين أصبحوا وجبة رمضانية ثابتة كطبق الفول، فميزانية النجم الواحد يمكن أن تنهض بكل فريق العمل ليقدموا عملا دراميا يتقاسم بطولته الجميع، فهل يتعلم الآخرون الدرس من الملا؟

[email protected]