كليوباترا أولا.. ثم الإسكندر الأكبر!

TT

ما زال حلم العثور على مقبرة كليوباترا يراودني ولا يغيب عن مخيلتي يوما واحدا.. منذ أن كنت طالبا في مرحلة الدراسة للآثار اليونانية الرومانية في جامعة الإسكندرية وحتى يومنا هذا.. ومع الحلم ألف سؤال وسؤال:

أين دفنت الملكة الساحرة كليوباترا؟.. وهل دفن معها حبيبها مارك أنطوني الذي ترك روما وعاش بجوارها أسيرا لغرامها؟.. وهل دفنت الملكة كليوباترا سرا ودون مراسم أو تمت لها طقوس الجنازة المعروفة لملوك البطالمة؟

وظلت الأحلام تراودني كلما قرأت عن الملكة الجميلة كليوباترا وعصرها المليء بالحب والغدر والخيانة.

كنت أحلم بها وبقبرها وما قد نعثر عليه في هذا القبر من أسرار وكنوز. وقد كانت قراءاتي متعددة عن الملكة كليوباترا، لم أكتف فقط بقراءة ما رواه المؤرخون سواء المعاصرون لعصر الملكة أم من نقلوا عنهم، وكذلك كتب أساتذة التاريخ والآثار المهتمون بالفترة الكليوباترية.. وكان فيلم هوليوود الشهير «كليوباترا» الذي مثلته الفنانة الجميلة إليزابيث تايلور، وصرف عليه ملايين الدولارات لإنتاجه وإخراجه بالشكل الذي رأيناه، وقد وقع بالفعل ريتشارد بيرتون في حب إليزابيث تايلور من النظرة الأولى وتزوجا بعد الفيلم مباشرة.

كان شكل إليزابيث تايلور هو الصورة الحية لما رسمته في ذهني عن صورة الملكة الجميلة كليوباترا، وكنت سعيد الحظ وأنا ما زلت شابا صغيرا عندما قابلت إليزابيث تايلور في عام 1976 أثناء زيارتها لأهرامات الجيزة وكان معها الأثري والكاتب كمال الملاخ وما زلت أحتفظ بصورة لي معها.. وبسبب فيلمها أصبحت كليوباترا رمزا للجمال والأنوثة ودهاء المرأة بين الناس، وحاليا يعرض التلفزيون المصري مسلسل «كليوباترا» من تمثيل الفنانة السورية الجميلة سولاف فواخرجي، ولكن شتان الفرق بين كليوباترا فواخرجى وكليوباترا تايلور!

كان فيلم «كليوباترا» سببا في عشقي للملكة المصرية البطلمية.. وفى يوم سألت أستاذي في الآثار اليونانية الرومانية العلامة فوزي الفخراني عن مكان مقبرة كليوباترا، وكان الرجل جميلا يميل دائما إلى الفكاهة، وكما نقول في مصر «ابن نكتة» لروحه المرحة.. وفوجئت به يقول لي: «مش لما نلاقي مقبرة الإسكندر الأكبر الأول نبقى ندور على الست كليوباترا!».

كان حلمه الأول هو الكشف عن مقبرة الإسكندر الذي قيل إنه دفن في الإسكندرية، والبعض يؤكد أنه دفن في واحة سيوة.. بينما هناك من يعتقد أنه دفن في الواحات البحرية.. وكلها على أي حال مجرد افتراضات.

وعلى الرغم من أن مقبرة الإسكندر وصفها المؤرخون فإننا لم نكتشفها إلى الآن.. ويؤكد الدكتور الفخراني أن مقبرة الإسكندر توجد داخل مقابر اللاتين بمنطقة الشاطبي، وقد بدأ بالفعل في الحفر داخل هذه الجبانة وعثر على بعض القطع الأثرية ويحتمل أن يكون هو المكان الذي دفن فيه ملوك البطالمة الذين يبلغ عددهم ثلاثة عشر ملكا منهم أبو الملكة كليوباترا.

ويقول الدكتور الفخراني إن كليوباترا كانت قد بنت لنفسها قصرا جميلا وبجواره مقبرة ومعبد للإلهة إيزيس.. ولكن لم يشر أي من المؤرخين القدماء إلى أن الملكة كليوباترا قد دفنت داخل هذه المقبرة بجوار قصرها الذي هو الآن أسفل مياه البحر المتوسط.. وقد عثرنا في المكان نفسه تحت مياه البحر على معبد إيزيس وانتشلنا من المياه جزءا من صرح المعبد يزن نحو 11 طنا. وقد حاول الكثير من الغطاسين العثور على قصر الملكة الشهيرة، ولكن إلى الآن لم يتوصلوا إلى شيء. وكنت أذهب دائما إلى جبل السلسلة كي أشاهد مكان القصر وأتمنى لو شاركت في الكشف عن مقبرة كليوباترا.

توالت الأيام وتخرجت في الجامعة وعملت في الآثار في معظم أراضى مصر ونسيت قصة كليوباترا وبدأت أحب ملكات مصريات أخريات من عصر الفراعنة.. ولكن حدث ما لم أتوقعه! ولكن ذلك حديث آخر.