الخطوط الجوية السعودية.. حالة صمت!

TT

ليست المرة الأولى، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، التي تسعدني فيها الخطوط الجوية السعودية بتغيير مواعيد إقلاع طائراتها، ضاربة بعرض الحائط كل ارتباطات الناس والتزاماتهم، ناهيك عن حرقة أعصابهم.

كنت آتيا من القاهرة قبل يومين، وبعد أن وصلت المطار في الميعاد، وقطعت بطاقة صعود الطائرة، تبين لي أن «الإخوة» في الرياض، كما قال لي موظف المحطة المصرية، قد قرروا تأخير إقلاع الطائرة ساعتين ونصف الساعة! وما السبب طيب؟! لا جواب..

سبق أن حصل لي هذا الموقف في رحلات داخلية مرات ومرات، لا أريد أن أحصر الحالة بمواقف ذاتية، ولكن الشكوى من عدم مصداقية ودقة مواعيد إقلاع طائرات الخطوط السعودية، شكوى عامة ويكاد يجمع عليها كل راكبي هذه الخطوط، حسبما قرأت وسمعت، خاصة في موسم الصيف الحالي بعد أن كاد الأصل يكون هو ألا تقلع طائرة من طائرات الخطوط السعودية في موعدها، والاستثناء أن تقلع في موعدها.

المشكلة أن مسؤولي الخطوط السعودية لا يردون الصدى ولا يجيبون الشكوى، وكأنهم استمرأوا هذه الحال، وتعودوا على هذا الحنق، مثلما يصم الزوج أذنيه بكل عناد عن «نق» زوجته و«زنها»، في حين أن راكب الخطوط السعودية، هو زبون له حق عملي، وليس زوجة أو ابنا!

المشكلة ليست فقط في أن هناك «زمنا» خاصا بهذه الشركة، زمن ربما لم يكتشفه بعد علماء الفيزياء العظام، ولكن في ضعف خدمة طاقم الخدمة الجوي والأرضي، ولا نريد أن نذكر أسماء شركات الطيران الأخرى التي تقارب الشركة السعودية في قدراتها المالية، حيث نجد الخدمة الجيدة والدقة الفائقة في المواعيد، إلا ما ندر، وبالأسعار نفسها تقريبا. فلماذا إذن، من دون الأنداد، لدى هذه الشركة هذا الداء المقيم؟!

سيقال: لدينا نظام جديد، وهو سبب هذا الارتباك. سيقال إنكم تبالغون. سيقال إن هناك ركابا يتخلفون عن رحلاتهم. سيقال انظروا لنصف الكوب المليء. أو تلقى علينا محاضرة عن تاريخ هذا الناقل الوطني الكبير.

كلام جميل ولا نناقشه، ولكن هناك مشكلة حقيقية ولا حل لها حتى الآن، وحلها لدى هذه الشركة، فما القول يا سادة؟

بعد هذا كله، أسأل: لماذا هناك حالة تغافل لدى كثير من المسؤولين عندنا في العالم العربي تجاه الشكوى والنقد؟ وكأن الأمر مجرد قطعة ثلج من النقد، ليس عليك أيها المسؤول سوى أن تصمد و«تطنش» قليلا، حتى ينسى الناس ويلهون بملهاة أخرى.

مشكلة الخطوط السعودية ليست إلا مثالا من أمثلة كثيرة من سوء الخدمات التي تقدم للمواطن العربي، بشكل عام، في المياه والكهرباء والطرقات وسير المعاملات في دهاليز الإدارة البيروقراطية، والمشكلة الكبرى أنه توجد هناك حلول كثيرة وسهلة لهذه المشكلات، وقد طبقتها دول أخرى، ونجحت، بينما لا تجد أي تفاعل أو «همة» أو حتى اهتمام لدى كثير من المسؤولين العرب بتجريب ما جربه غيرهم.

لذلك تحول كثير منا إلى «مدمن» للشكوى، وتحول كثير من المسؤولين العرب إلى «محترفين» للتطنيش.. وبين هذا وذاك ضاعت فلوسك وأعصابك يا صابر.

[email protected]