لا دعوة ولا مصافحة ولا معانقة ولا تقبيل

TT

أحرجني أحدهم أيما إحراج عندما تذكرت حكمة وتفوهت بها قائلا في مجلس عام:

إن أفضل طريقة لتدمير العدو، أن تجعل منه صديقا.

فما أن تفوهت بهذا القول حتى تصدى لي أحدهم وهو يرتعد من شدة الانفعال قائلا: هل أنت بكلامك هذا تريدنا أن نهادن الكفرة ونتقرب منهم ونقبل صداقتهم؟!

يا حيف يا مشعل يا حيف - أي (يا للعار ويا للشنار) باللغة الفصحى - وأردف قائلا بالحرف الواحد: إن هؤلاء نجس، هل تعرف ما هو النجس؟! عليك أن تعلم أيها الجاهل أنه قد صدرت بهم فتوى لا يخر منها الماء تؤكد: أنه لا يجوز إكرامهم ولا احترامهم ولا تقديرهم في المجالس، ولا القيام لهم، ولا بداءتهم بالسلام، ولا حتى بكيف أصبحت أو أمسيت، ولا دعوتهم أو قبول دعواتهم، ولا مصادقتهم أو معانقتهم أو تقبيلهم، ويجب التضييق عليهم في الطرقات.

ويبدو أنه من عنف حماسته بالاسترسال أخذ (يفح) من التعب مما حدا به أن يتوقف عن الكلام، خصوصا أن حباله الصوتية أخذت بالارتخاء والنشاز.

فاستغللتها فرصة لأسأله: ومعاملتنا مع هؤلاء الكفرة هل يجب أن تنطبق على الجميع حتى النساء منهم، فأخذ يهز رأسه لأنه لم يقدر على الكلام، ففهمت من ذلك أنه ينطبق ويسري على الرجال والنساء معا، وكدت أسأله: حتى على الأطفال كذلك؟! ولكنني أحجمت عن ذلك خوفا من أن يعتقد أنني أمزح معه.

وران صمت مطبق على المجلس، غير أنني لم أطق الصبر، صحيح أنني أريد أن أطبق هذه الفتوى التي تفوه بها الشيخ - جزاه الله خيرا - وسردها علينا، ولكن هناك محاذير ومخاوف لا أدري كيف أتعامل معها، عندها ما كان مني إلا أن أقول له: يا سماحة الشيخ، الفتوى التي طرحتها علينا هي على عيني وعلى رأسي من فوق، وليس من حقي معارضتها، ولكنني في نفس الوقت مصاب بما يشبه الحيرة حيالها.

عندها يبدو أن الحبال الصوتية للشيخ قد اشتدت وعادت إلى حالتها الطبيعية عندما سألني: مثل أيش؟!

قلت له: قد لا أدعوهم ولا أقبل دعواتهم، وهذا بالتالي يعفيني من مصافحتهم ناهيك عن معانقتهم وتقبيلهم، وأنا بالمناسبة يا فضيلة الشيخ لا أستسيغ المعانقة والتقبيل حتى لرجال المسلمين، فكيف لي أن أفعل ذلك مع غيرهم؟! فمن هذه الناحية كن مطمئنا، ولكن متى وأين وكيف أضيق عليهم الطرقات؟!

قال: في كل وقت، وفي كل مكان، أما كيفية التضييق عليهم في الطريق فهي لا تحتاج إلى شرح، إنها تعني أن لا تفسح لهم المرور، وأن تدحمهم، وتزحمهم، وتجعلهم يمشون وهم يتمسحون بالحيطان أذلة صاغرين.

سألته: حتى لو كنت في بلادهم وهم أقوى مني؟! قال: ولم لا؟! إن كنت تجد لذلك سبيلا فافعل ولا حرج، ولكن من المستحسن أن تفعل ذلك في دار الإسلام.. عندها كدت أقول له: طيب لو هشموا لي رأسي، أين أجدك (لتفزع لي) أو تنجدني؟!

[email protected]