أدعو لأبو مازن بالنجاح

TT

دعا الحاخام الإسرائيلي عوفاديا يوسف ربه إلى أن يهلك أبو مازن ويريح الإسرائيليين منه، وذلك إبان الاستعدادات للمفاوضات التاريخية التي ستفتتح غدا. وفي غزة، دعا بعض أئمة حماس الله أن يتقبل دعوة الحاخام يوسف فيهلك أبو مازن وفريقه التفاوضي. وعلى الرغم من الابتهالات الكارهة، والبداية المتوترة التي سبقت رحلة المتفاوضين، والإحباط الواضح على وجوه الفريق الفلسطيني، فإننا عمليا نشهد أول مفاوضات مهمة منذ عشر سنوات، ومن حيث الأفكار هي أهم مفاوضات في تاريخ الصراع العربي والإسرائيلي، ومن حيث الرعاية فإنها الأفضل في ضيافة رئيس يكنّ له الجميع الاحترام هو الرئيس باراك أوباما، حتى من الخصوم العرب، وهي من حيث التأييد العالمي تتم في أكثر مناخ تأييدا للفلسطينيين وخاصة من الأوروبيين وكذلك الروس الذين تدخلوا عبر الرباعية، بإجماع نادر.

لكن، لسوء حظ الجانب العربي، فإن المفاوض الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو أسوأ شريك بين السياسيين الإسرائيليين يمكن أن يجلس على الطاولة قبالة أبو مازن. فالرجل، عدا أن مواقفه رافضة لفكرة إعادة الأراضي المحتلة، ورافضة لإقامة دولة فلسطينية أيضا، فهو رئيس وزراء بحكومة هشة مؤلفة من جماعات إسرائيلية سياسية متناقضة وزراؤها أكثر تشددا منه.

مع هذا، فإن هناك عوامل مهمة قد تدفع بالمفاوضات إلى الأمام، من بينها رغبة أوباما في أن يحقق نصرا في هذه القضية المهمة، ووجود أبو مازن كقائد يعرف أنه أمام فرصة ثمينة لشعبه تستوجب منه ألا يكون السبب في تفويتها، والتراكم التفاوضي الذي حققه الفلسطينيون بصبر وامتياز لا يعرف عنه معظم الناس، وأوصل الإسرائيليين إلى مرحلة متقدمة لها ثوابت تنسجم مع المطالب الفلسطينية والعربية.

أعرف أن التفاؤل من وراء المفاوضات الجديدة خطأ، وخطر سياسيا، لأن الموانع كثيرة، مثل جبهة الرفض العربية والإيرانية التي ستعمل كل ما في وسعها لتخريبها برشق الصواريخ وخطف جنود وتفجير سفارات حتى إفشال المفاوضات، كما فعلوا في مفاوضات كامب ديفيد وطابا، التي ساحت خلالها القدس دماء واضطرت ياسر عرفات إلى الخوف والتوقف، فرفض عرض الدولة الاستثنائي. التفاؤل خطأ أيضا، لأن الجانب الإسرائيلي فيه معارضون شرسون للسلام، لا يتورعون عن ارتكاب جرائم ضد الأهالي الفلسطينيين في الضفة الغربية، وربما ضد ساستهم كما اغتالوا رئيس الوزراء إسحاق رابين بسبب انخراطه في التفاوض. وبالتالي، نحن أمام مفاوضات تسير على حبل مشدود الأسهل فيها السقوط لا المشي. وهنا التحدي يقع على كاهل المفاوضين، ويتطلب من مؤيديهم العرب دعمهم وحمايتهم على الجبهتين العربية والأميركية بممارسة المزيد من الضغوط لتحقيق مطلب إقامة الدولة الفلسطينية بما يعادل 100% من أراضي الفلسطينيين المحتلة بعد حرب 67 وإعادة اللاجئين وإقامة عاصمة في القدس الشرقية.

قد لا تنجح المفاوضات كما يظن الكثيرون بما فيهم الرئيس أبو مازن نفسه، لكن لن يضير العرب شيئا إضاعة سنة واحدة في مفاوضات أخرى، فهم أضاعوا معظم الأربعين سنة الماضية في الكلام والوعود وبقي اللاجئون في مخيماتهم والأراضي يسرقها المستوطنون كل يوم والمأساة تكبر بلا حرب أو سلم.

[email protected]