إنه رب الديك والقلم!

TT

ولماذا لا أذهب إلى حيث كان والدي - يرحمه الله - يتسلى سرا. هو يتسلى ومعه آخرون، وسرا لأن اللعبة غير مقبولة، ثم إن الدولة قد حرمتها.. وتحاول الدول الأوروبية والأميركية تحريمها في شرق آسيا: إندونيسيا والفلبين. إنها مصارعة الديوك..

كان أبي، وهو شاعر رقيق متصوف، يهوى مصارعة الديوك. وأنا مندهش كيف يمضي الساعات في جعل أصابع الديك حادة قاتلة.. إنهم في الفلبين يضعون في أقدام الديوك أمواس حلاقة ويربطونها، فإذا تشاجرت الديوك انتهت المعركة بالدماء التي تنزفها بسبب أمواس الحلاقة..

وكنت أندهش كيف أن والدي يغمس السكين في ماء الورد؟! ثم يظل بالمبرد يجعل الأصابع حادة شائكة قاتلة. ولكن، يبدو أن الهواية أقوى من أي شيء آخر.. إن لها طعم الإدمان.. كما يفعل الناس في مصارعة الثيران وكرة القدم..

وذهبت أتذكر ما كان منذ وقت طويل.. الدنيا تغيرت.. الشارع والوجوه والمحلات التجارية الجديدة. ولم أسال نفسي كثيرا لماذا ذهبت. لكنّ صوتا في داخلي يقول لي: يا أخي اسأل .. اسأل.. سوف تجد. اسأل!

سألت فقيل لي: إنهم الآن يلعبون..

ودخلت في حارة متفرعة من حارة من حارة. وفي مساحة صغيرة بين البيوت جلس أناس على مقاعد. أناس شكلهم محترم. ووراء كل واحد يوجد جرسون. إنه الذي يأتي بالديك. وانطلقت الصفارة وهجمت الديوك وسالت الدماء، ولم أجد إجابة عن السؤال: كيف يكون أبي رقيقا هكذا ويرى الدماء. هذه الدماء إذا نزفت بسرعة فلأن أصابع الديوك صارت حادة نافذة كالمسامير..

إن والدي - إذن - يدمن الشعر وصراع الديوك - فهو رب الديك والقلم!

ومنذ أيام تلقيت دعوة من اتحاد مصارعي الديوك في الفلبين.. سوف يعقد مؤتمر دولي للدفاع عن هذه اللعبة ضد الحملات العنيفة في كل وسائل الإعلام والكنائس والمساجد..

ونسيت أنني وقّعت على طلب انضمام إلى هذا المؤتمر سنة 1959 وجاءني هذا الرد بالقبول - شكرا!