«أحرونوت»: شكرا لحماس

TT

أظهرت حماس شجاعة نادرة عندما نفذت وتبنت عملية قتل الإسرائيليين الأربعة في نفس الساعة التي سافر فيها الرئيس الفلسطيني وفريقه التفاوضي إلى واشنطن، فهي كالعادة تحمّل الإنسان الفلسطيني الثمن. أما الإسرائيليون فهم الكاسبون من عمليات حماس.

«العملية في الخليل لا تغير الكثير من جوهر القمة، بل إنها تعين مطالب نتنياهو الأمنية، وبالطبع تزيد قدرته على المساومة في قضية تجميد البناء. يمكنه أن يشرح للأميركيين بأنه عندما يكون المستوطنون هم ضحايا الإرهاب، فإن الجمهور الإسرائيلي لن يقبل باستمرار تجميد البناء. بكلمات أخرى، عملية (حماس) تضع في يد رئيس الوزراء سلاحا تكتيكيا وإعلاميا. ليس الفلسطينيون وحدهم يأتون كمظلومين إلى واشنطن، بل إسرائيل أيضا». هذا ما قالته «يديعوت أحرونوت» أمس في افتتاحيتها. الحقيقة أن حماس كانت دائما شريكا للرغبات الإسرائيلية، وخادمة جيدة للمطالب الإيرانية، لكنها لم تفعل شيئا قط للإنسان الفلسطيني.

سبق لحماس أن أفسدت مفاوضات عامي 99 و2000 الشهيرة، التي عادت لاحقا وقالت إنها مستعدة للقبول بما عرض من حل سياسي على الرئيس عرفات. لكن كان الوقت قد تأخر وغادر بيل كلينتون البيت الأبيض.

باسم الرد على حماس دمر الإسرائيليون كل ما بناه الرئيس عرفات بعد عودته التاريخية من تونس، دمروا مطار غزة، والميناء، والمراكز الحكومية في الضفة، وقتلوا الكثير من أفراد قواته الأمنية. في كل مرة كانت حماس تريد تخريب عملية تفاوضية ترسل صبيا انتحاريا أو آخر لتفجير حافلة مدنية لتسعد المتطرفين الإسرائيليين بالمزيد من الذرائع للمزيد من القتل والنهب وضرب السلطة الفلسطينية وتخريب مؤسساتها. لم تفعل حماس شيئا آذى الإسرائيليين، لم تضرب مراكز قواهم العسكرية، أو الاقتصادية. كانت أعظم نجاحات حماس عندما نجحت في جر الإسرائيليين لدخول منطقة الحكم ومحاصرة الرئيس ياسر عرفات في مكتبه حتى مات كمدا. حماس والجهاد الإسلامي تسببتا في بناء الجدار، الذي يمثل أخطر عملية تغيير للحقائق على الأرض، حيث استفادت إسرائيل من العمليات الموجهة ضدها لبناء جدار سرق ثلث أراضي الفلسطينيين وقطع أواصر العائلات، وأماتت الكثير من المزارع، وحاصرت آلاف العائلات الفلسطينية وتركتهم يعيشون حياة بؤس لا مثيل لها.

بكل أسف، الحقائق تقول إن حماس هي شريكة إسرائيل لا العكس، وهذا ما فعلته بالأمس عندما قتلت أربعة إسرائيليين ليلة السفر إلى المفاوضات. تريد تخريب مشروع الرئيس الأميركي الذي طلب أن يمنح فرصة لعام واحد، متعهدا بإقامة الدولة الفلسطينية.

وحماس ليست ضد المفاوضات لأنها نفسها سعت للتفاوض مع الإسرائيليين مطلع هذا العام وقدمت لهم التنازلات المماثلة تماما لما تعهدت به السلطة الفلسطينية في رام الله، لكنّ الأميركيين رفضوا إشراك حماس مما جعلها تتحول إلى تخريب المفاوضات الجديدة، ليس كرها في إسرائيل، بل فقط لأنها ضد إشراك السلطة الفلسطينية. أيضا لأنها ترضي بعملياتها هذه حليفتها إيران التي تتوعد بتخريب المفاوضات. وإيران كذلك ليست ضد التفاوض، بل تريد من الفلسطينيين أن يدفعوا، كالعادة، ثمن مصالحتهم مع الأميركيين بالحصول على نفوذ إقليمي والسماح لهم بسلاح نووي، حينها ستسمح للفلسطينيين بالتفاوض.

القرار اليوم هو للفلسطينيين، إن كانوا يريدون التفاوض أم لا، وهم الذين عليهم أن يقرروا إن كانت المصالحة المقترحة لاحقا مناسبة أم لا. القرار الأول والأخير للفلسطينيين وليس للعرب أو الإيرانيين.

[email protected]