لصوص في المسجد الحرام!

TT

لمكة المكرمة والمدينة المنورة قداستهما المستحقة في تربيتنا، فكان الزائرون إلى المدينتين المقدستين يفرضون على أنفسهم ضوابط صارمة، خشية أن يصدر منهم ما يعكر صفاء هذه الزيارة ونقاءها، حتى الأشقياء من الناس، تجدهم في رحاب المدينتين يفعلون ما يفعله غيرهم من الزوار من أدب والتزام وحسن سلوك. ومر الزمن، وظلت على الدوام في نفوسنا هذه الرؤية تجاه المدينتين المقدستين، ولذا تجدنا نشعر بقدر كبير من الاستياء والازدراء تجاه أي فعل مشين يصدر من زائر الحرمين الشريفين، وهو شعور طبيعي، حيث يصعب على العقل السليم تصور أن يرتكب زائر ما يتنافى مع الآداب وفضائل السلوك.

واليوم، للأسف، نقرأ في وسائل الإعلام أخبار القبض على نشالين في المسجد الحرام خلال شهر رمضان! فإذا كانت السرقة منبوذة ومحتقرة ومستهجنة في كل الأماكن والأزمنة، فإنها تثير أقصى درجات الاحتقار والاشمئزاز والغضب حينما تحدث بجوار بيت الله، وفي شهر رمضان الكريم، يرتكبها الأشرار دون وازع من دين، أو تربية، أو ضمير، وخاصة أن هؤلاء اللصوص يأتون إلى البلاد خلال هذا الشهر بتأشيرات معتمرين، فتفتح لهم منافذ الدخول، ويعاملون معاملة ضيوف الله، حتى يفتضح أمرهم وتتكشف غاياتهم!

وحسنا تفعل الأجهزة الأمنية، وهي تقف لهؤلاء بالمرصاد، فتسقطهم تباعا متلبسين بجرمهم، وخزيهم، وعارهم. وهنا أتساءل عن نوع العقوبة التي يواجهها هؤلاء، وهم يضبطون في أقدس الأماكن، وأكرم الأيام، وهل يعامل اللص في المسجد الحرام كما يعامل اللص في أي مكان آخر؟ فالجريمة في المسجد الحرام، وفي الشهر المبارك لا تصدر إلا من شخص موغل في الدناءة، ممعن في الفساد، فهذا البلد الأمين الذي أمن حتى طيره وشجره يبرر إنزال أقصى العقوبات على من يروم فيه فسادا، فيعتدي بالسرقة على المعتمرين وزوار بيت الله.

وأنا على ثقة بأن أخذ بصمات المرحلين إلى خارج البلاد من اللصوص والمتسولين، والمخالفين لأنظمة الإقامة المطبقة حاليا، ستمنع إمكانية عودتهم من جديد، كما اعتادوا في السابق. وفي إمكان الجهات التي تأتي منها هذه العناصر أن تلعب دورا إيجابيا في التدقيق في سجلات القادمين لكيلا يندس بين صفوف معتمريها أصحاب السجلات الإجرامية والغايات المنحرفة.

أدام الله على البلد الأمين أمانه.

[email protected]