طريق موحل وطويل

TT

سحبت الولايات المتحدة 50 ألف جندي «مقاتل» من العراق، وأضافت 30 ألف جندي مقاتل في أفغانستان. من طريق مفتوح في اتجاه العودة إلى طريق مسدود ونفق مغلق. يعرف باراك أوباما ذلك بقدر ما نعرفه. لكنه لا يريد للشعب الأميركي أن يشاهد مرة أخرى منظر الانسحاب من سايغون والهرب معلقين بسلالم الطائرات.

ورث باراك أوباما عن جورج بوش ما لم يرثه أي رئيس آخر، في أميركا أو سواها: أزمة مالية كارثية وضعت الرأسمالية على حافة الانهيار، وحربين فاشلتين (ألف مليار دولار) في العراق وأفغانستان، وتدهورا في مسار القضية الفلسطينية، وترديا في العلاقات الدولية عامة. وكان جورج بوش أعلن عن إعادة صياغة الشرق الأوسط وإقامة «شرق أوسط جديد» يحاصر فيه إيران ويضعف سورية، فكان أن قام شرق أوسط فيه إيران نووية، وسورية متعددة القوى، وتركيا إمبراطورية خرجت من تحت النفوذ الأميركي لتصبح شريكة للولايات المتحدة في سلام المنطقة وفي العراق. وأما إضعاف إيران فأدى إلى قيام أول دولة شيعية إلى جوارها في العراق.

الآن يحاول أوباما خوض حرب دبلوماسية في العراق وقد اختفى جميع حلفاء أميركا الذين قادوا قوات جورج بوش إلى البلاد، ويحاول خوض حرب عسكرية في أفغانستان إلى جانب حكومة مركزية ضعيفة لم تعرف كيف تبني شيئا من ملامح الدولة، ويحاول إحياء المسار الفلسطيني في المفاوضات كي يستعجل أي شيء يغطي به سلسلة الإخفاقات الطويلة التي تركتها إحدى أسوأ الإدارات الحكومية في التاريخ.

ثمة حرب أخرى أيضا. حرب الولاية الثانية التي بدأها الجمهوريون. وهي، مثل كل المعارك السياسية، لا أخلاق فيها ولا هوادة. ومنذ الآن يبدو أوباما متعبا بنواياه الحسنى. وربما تخلى عن نائبه بايدن ليعطي مقعد نائب الرئيس لهيلاري كلينتون، مما قد يزيد فرص البقاء في البيت الأبيض. لكن مخارج النجاة من حصار الإرث قليلة وضيقة. فلا سلام المفاوضات في فلسطين محتمل، ولا سلام الحرب في أفغانستان ممكن. لقد ترك بوش طريقا طويلا من الوحول.