من الجوعيات الرمضانية

TT

إذا كان الشعراء لسان حال شعوبهم، فما أصدق ما فعله بعض الشعراء العرب في استغلال فرصة رمضان الشريف للتعبير عن معاناة الطبقات المسحوقة من شعوبنا العربية. فمثلما ينشط الموسرون في مضاعفة ما يلتهمون من الطعام، وما يكدسون في القمامات من المواد الغذائية، ينشط المعدمون في ممارسة الشحاذة أمام المساجد وحول المقابر طلبا للصدقات والفطرات، والنبش في تانكات القمامة وتلال الزبالة عما فيها من فضلات وفتات الكباب أو الكبة أو الحلوى. ومن ورائهم، يهب الشعراء للتعبير عن ضيق العيش. هكذا قال الشاعر المصري محمد الأسمر:

قيل شهر الصيام آت فقلنا

نحن شعب يصوم في كل آن

نحن لسنا نصوم في العام شهرا

واحدا بل نصوم طول الزمان

مر الشاعر المملوكي أبو الحسين الجزار بدكان حلواني فاشتهى شيئا مما عرضه من الكنافات والبقلاوات والقطائف وهات ما عندك، من دون أن يكون في جيبه ما يدفعه ثمنا لها. لم يجد غير أن يكتب لصديق أديب آخر أيسر حالا منه يستعطفه بالتصدق عليه بشيء من حلويات المؤمنين وعلى رأسها حلواه المفضلة، الكنافة، فخاطبه قائلا:

ما رأت عيني الكنافة إلا

عند بياعها على الدكان

كم ليلة شبعت من الجو..

ع، عشاء إذ جئت بالحلوان؟

حسرات يسوقها الطرف

للقلب، فويل للفكر عند البيان

إذا كان أبو الحسين الجزار قد هام شوقا للحلويات، فإن شاعرا آخر، ياسر قطامش، كان أقل طموحا في عشقه، فهام بطعام الفقراء والمسحوقين: الفول.. فقال:

بالفول تحيا حياتي

هات المدمس هات

وهو ما تصبب به أيضا الشاعر هاشم الرفاعي لعدم قدرته على ابتياع سواه من الأطعمة الرقيقة المكلفة التي ارتبطت بشهر رمضان:

الفول أكلي ما حييت وإنني

متحرق شوقا إلى القلقاس

البطن خاو كالجيوب وأشتهي

ما في المسامط من لحوم الراس