الحلويات الرمضانية

TT

ارتبط شهر رمضان المبارك بالحلويات والسكاكر، حتى إننا في العراق لم نكن نرى البقلاوة والقطائف والزلابية إلا في شهر رمضان. نراها في الدكاكين لشهر ثم تختفي ويكون علينا أن ننتظرها ثانية بعد سنة. بيد أن اكتشاف النفط وما تمخض عنه من رفاه جعل هذه الأطعمة الغالية نسبيا توجد في الدكاكين على مدار السنة. ويأكلها الناس كشيء اعتيادي بعد الطعام، ربما يوميا. ولكنني شخصيا أمقت هذا التطور الترفي، فللأكل في المواسم لذة خاصة تجعل حتى الأطفال ينتظرون شهر رمضان تطلعا للبقلاوة والحلويات. يجب أن تكون لكل موسم نكهته ومذاقه ليحلو في أعيننا ونفوسنا.

ولكنني كما قلت، ارتبط شهر رمضان المبارك بالحلواء، حتى قيل «المؤمنون حلويون». وذكر معمر العرب أبو عبيدة فقال «إن أي طعام لا حلواء فيه فهو خداج»، أي ناقص وغير مكتمل. يأتي التمر طبعا في المقدمة وأصبح من سنن الحياة الرمضانية أن تفطر بتمرات. وهذا اتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يفطر بالرطب وعلى التمر إن لم يوجد الرطب. ويختتم به فطوره أيضا. ومن استعمالات التمر الشائعة، ولا سيما بين البدو، خلطه وأكله مع الزبد. وفيه يقول الشعبي: ما رأيت فارسا أحسن من زبد على تمر. وجاء في التراث أن الحجاج استشار صحبه في أفضل ما في الطعام. وأن يكتبوا ذلك في قصاصات يضعونها تحت مصلاته. ففعلوا ذلك، ثم فتحها فإذا بها جميعا تذكر الزبد والتمر. وهي من أمثلة الاستبيانات الرائدة. يا ليته فعلها مع شؤون الحكم وليس الأكل!

ومن التمر أيضا كانوا يصنعون الخبيصة بخلط التمر بالسمن. وقد يضاف إليها أيضا شيء من الدقيق. واعتقدت العرب أن الخبيصة تنفع الدماغ، فقال سفيان إن على العاقل أن يأكل الخبيصة مرة كل أربعين يوما ليحافظ على قوة عقله. ومن الواضح أننا لم نتبع هذه النصيحة فابتلينا بالجهلاء. ويروى أن أول من خبص الخبيصة كان عثمان بن عفان رضي الله عنه.

يأتي العسل في المرتبة الثانية. حتى روى عبد الله بن عباس أنه سأل النبي: أي الشراب أفضل؟ فقال: الحلو البارد، أي العسل. وكانوا يصنعون الحلوى منه بخلطه بالدقيق الناعم. وذكروا أن عثمان بن عفان بعث بشيء منه إلى الرسول في منزل زوجته أم سلمة. فسأل من بعث بهذا فأجابوا أنه عثمان. فرفع وجهه إلى السماء وقال اللهم إن عثمان يرتضيك فارض عنه.

ومن أشهر حلويات رمضان الشريف الشائعة بيننا الآن الكنافة والقطائف والبقلاوة والزلابية. وبلغ من حب العرب لها أن جمع جلال الدين السيوطي جل ما قيل عنها في كتاب خاص سماه: «منهل اللطائف في الكنافة والقطائف».

وشاعت في العهد العباسي حلواء الفالوذج التي كانوا يعملونها من الدقيق والماء والعسل. وقد قيل أيضا أن الرسول الكريم كان يأكل الدجاج مع الفالوذج. أما اللوزينج فكانوا يؤدمونها بدهن اللوز.