الفتى الأول

TT

قلب يحيى الفخراني صورة «الفتى الأول» في السينما المصرية. كانت لـ«الفتى الأول» ملامح إجبارية لا يعفى منها إلا من كان له صوت فريد الأطرش أو عبد الحليم حافظ. أما محمد عبد الوهاب فكان صورة وصوتا. وأما الملامح الإلزامية فأن يكون «البطل» وسيما، نحيلا، وطبعا شابا. وقد شغل هذا الموقع لسنوات عماد حمدي ثم عصف به عمر الشريف وحسين فهمي وأحمد زكي ومحمود عبد العزيز.

وعندما تقدم يحيى الفخراني إلى الصف الأول بكتفيه العريضتين لم يكن يحمل الكثير من صفات «الفتى الأول». لا شعر عمر الشريف اللماع ولا شارب عماد حمدي ولا عيني حسين فهمي ولا سمرة أحمد زكي. رجل عريض المنكبين، عريض الوجه، أقرب إلى ضخامة الأنف، وربعي القامة. لا وسامة «الفتى الأول»، ولا موهبة كوميدية تقتطف الخواصر كما كان عادل إمام في بداياته.

أذهل الفخراني المشاهد العربي «بعاديته». طاقة تمثيلية هائلة، على أن يكون الرجل الذي يمثله. لا أقل قليلا ولا أكثر كثيرا. ينسيك الفخراني، منذ اللحظة التي يطل فيها، أنك في السينما أو أمام التلفزيون. يجلس في المقهى فتشعر بأنك معه. ويقوم، فتتأهب لأن تلحق به. ويحاكي الناس في الشارع فتستعد لأن تجيب عن أسئلته.

لم يكن مفاجئا على الإطلاق أن يتقاضى الرجل هذا الموسم أعلى أجر في أبطال المسلسلات. فأنت لا تعرف إن كانت أدواره تلبسه أم هو الذي يلبسها، سواء كان شيخ حارة صعلوكا أم شيخ طريقة جبارا. ومن نواح كثيرة، يذكّر الفخراني بأنتوني كوين، الذي كان يبدو مكسيكيا بالسهولة التي يبدو فيها يونانيا أو رئيس بلدية في قرية إيطالية أو مبعوثا دبلوماسيا روسيا.

لم يعد ثمة مكان للخطابية على الشاشة، أو لـ«التشخيص» المسرحي، الذي لا يزال الطابع السائد لبعض المسلسلات. ليس معنى ذلك الانتصار لـ«السينما الواقعية» التي تدخل إلى الحمامات، بل لـ«السينما الطبيعية» العادية السهلة الخالية من التكليف.

كان تيللي سافالاس يروي أنه أراد أن يشرك شقيقه جورج في مسلسله الشهير «كوجاك». واقتضى أول دور أن يرمي بنفسه على الأرض، ففعل ذلك كأنه في مسرحية شكسبيرية. فقال له كوجاك: جورج، هل تذكر كيف كنت تقع عندما كنت أفقعك كفا؟ قع هكذا. دعك من شكسبير. وربح جورج الدور حتى نهاية المسلسل.