لماذا التفاؤل بشأن حملة قندهار؟

TT

قندهار، أفغانستان - تحت لهيب الشمس، وقف وزير الدفاع روبرت غيتس يتحدث إلى جنود من الفرقة الأولى الأميركية المقاتلة داخل هذه المدينة قائلا لهم «أنتم في الخندق الأمامي في المعركة ضد طالبان. إنها معركة دامية بالفعل: ففي غضون الأسبوعين الأولين من بداية المعركة، فقدت الفرقة ثمانية جنود، بينهم خمسة قتلوا يوم الاثنين الماضي في انفجار عبوة ناسفة زرعت على جانب الطريق. سمع غيتس روايات متفائلة من قائد الفرقة حول دورياتهم المشتركة مع الجيش والشرطة الأفغانية في معقل طالبان. وبعد جولة في عدة جبهات في حملة الحسم في قندهار، قال غيتس للصحافيين، إنه «متفائل» بشأن إمكانية تحقيق الاستقرار في المنطقة ونقل المسؤولية عن الأمن في نهاية المطاف إلى الأفغان. بيد أن الجنود الذين تجمعوا في الظل لتدخين التبغ قدموا تقييما أكثر حذرا، فيقول الرقيب مايكل ايليس، الذي يقود فريق الأمن لأحد قادة الفرقة عن الجيش والشرطة الأفغانية: «إنهم لا يتقدمون بالسرعة المرجوة فهم يفتقرون إلى التنظيم». ودلل على ذلك بالقول إنه عندما تعرض لهجوم مع القوات الأفغانية قبل بضعة أيام، بدأ بعض الجنود الأفغان إطلاق النار من بنادقهم الرشاشة في الهواء بصورة عشوائية.

هذا التناقض بين آمال القائد الكبرى لأفغانستان والحقائق على الأرض هو الانطباع الأقوى خلال الزيارة هنا. خلال السفر مع الجيش، دائما ما تكون هناك حالة من النشوة، مع تأكيد بعض الضباط الكبار للزائرين أن المهمة يمكن إنجازها. لكن الاستراتيجية الأفغانية لا تزال بحاجة إلى الكثير من الجهد كي تتقدم، بوجود الكثير من الحقائق الرئيسية التي لم تتأكد على أرض المعركة. كان التفاؤل موضوع كلمة الجنرال ديفيد بترايوس التي ألقاها أمام الصحافيين الذين قدموا مع غيتس. التزم بترايوس بنص التفاؤل، مستخدما شرائح من تلك التي طورها خلال حملته الناجحة في العراق. وقد قال بترايوس، الذي تولى المسؤولية قبل شهرين، إنه لا يزال يصيغ تفاصيل توجيهات القيادة لهذه الحرب.

وفي مقابلة معه عرض غيتس تحليلا أكثر حذرا من ذلك الذي قدمه في قندهار. وقال: «أعتقد أنه لا يزال من المبكر جدا التوصل إلى استنتاجات، فنحن بحاجة إلى بضعة أشهر لدراسة ذلك، قبل مراجعة ديسمبر (كانون الأول)».

وقال لي غيتس: «لو أنني أعلنت أن الاستراتيجية غير ناجحة، عندئذ سأكون أول من يدافع عن تغيير الاستراتيجية. لن أوقع على قرار نشر الجنود مرسلا أبناءنا إلى المخاطر من أجل استراتيجية لا أعتقد أنها ناجحة».

عندما يصيغ بترايوس خطط معركته يعمل على محاصرة المشكلة من عدة اتجاهات في آن واحد. فهي تعتمد على عامل رئيسي ألا وهو التنسيق مع الوزارات الأفغانية والجيش الوطني والشرطة. وعامل فرعي تشترك فيه القوات الخاصة الأميركية والقادة القبليون لتشكيل الشرطة المحلية.

قلل غيتس وبترايوس من خطورة الخلاف الأخير مع الرئيس حميد كرزاي حول ما يعتقده البعض من مسؤولي إدارة الرئيس أوباما بالقيادة غير المنطقية للرئيس الأفغاني. غيتس الذي يعتقد بخطأ تقريع الرئيس كرزاي يبدو من العم الأميركي الطيب للرئيس الأفغاني في مؤتمر صحافي مشارك هنا.

لكن في الوقت الذي تداهن فيه الولايات المتحدة كرزاي، تعمل مع الكثير من القادة المحليين وزعماء المقاطعات المعارضين له. تماما كما فعل بترايوس في العراق، فواشنطن ترغب في اللعب على كلا الجانبين، العمل مع الحكومة والخصوم الذين يمكن مصالحتهم. وقد صرح غيتس أن «الولايات المتحدة تعيد موازنة أسلوبها لتعكس التاريخ والثقافة الأفغانية التي تتمتع فيها السلطة المحلية والإقليمية بالقوة ولإعادة تمكين بعض مجالس شورى القبائل». خطة قندهار تقضي بقيام القوات الأميركية والأفغانية بتأسيس مواقع مشتركة في ضواحيها الـ17 والمناطق المحيطة بها، حتى يشعر المواطنون بالأمان الكافي لحضور مجالس الشورى. وقد ردت طالبان بحملة من الاغتيالات، وقال الجنرال ديفيد رودريغيز، نائب بترايوس إن الحملة الأميركية ستنجح إذا ما جازف القادة القبليون وتحدوا التهديدات. وهذا أمر كثير لأن تطلبه من أفراد لا يثقون بالقوات الأميركية أو حكومة كرزاي وربما يكونون الحلقة الأضعف في الخطة الأميركية. هدف الرئيس أوباما يتمثل في نقل السلطة بصورة تدريجية إلى الأفغان حتى تتمكن الولايات المتحدة من سحب قواتها بحلول يوليو (تموز) المقبل. وقد قال لي غيتس: «لا يزال أمامنا مشوار طويل. أنا لا أقول إننا قريبون من النصر أو إننا تجاوزنا المرحلة الحرجة». والسبب في تفاؤلي هو أن زيادة القوات الأميركية أوشكت على الاكتمال وأننا وضعنا هذه الخطة.

* خدمة «واشنطن بوست»