الشاعر في وليمة العيد

TT

ما إن ينتهي رمضان المبارك حتى يبدأ القصف بالأكل، وكأن القوم لم يذوقوا الطعام منذ زمن نوح، عليه السلام. لا تلبث وليمة العيد حتى تتحول إلى مناسبات أدبية تتفتح فيها قرائح الشعراء مثلما تتفتح معدتهم ومصارينهم انتظارا للطعام. هذا ما حصل لصديقي زاهد محمد زهدي عندما دعي لوليمة في المناسبة، وطال انتظاره، مما هو مألوف في مثل هذه المناسبات، الجزار لم يحضر بعد لذبح الخروف، والست أم البيت مريضة لا تقوى على الطبخ، والطباخ نفد غازه، والشغالة هربت مع صديقها، وكل ما لم يَحسب له حسابا. نفد صبر أبو عمار بعد أن أخذت بطنه تقرقر فتفتقت قريحته:

* أبا سليمان لقد زقزقت

في بطننا عشرة عصافير

* وزاد بل الطين هذا الشواء

ريحته ملء المناخير

* ولم يلح شيء يسر البطون

والناس ترنو بالمناظير

* وقيل ذبائح خمس

مقطعات بالسواطير

* والخبز ما زالوا يعدونه

وإنه خبز تنانير

* ثم عطشنا واستبد الظما

بنا فقيل الماء في البير

* وكان حظ سيء أنه

قد صار عطل في المواطير

* ولكن الصبر طيب. فسرعان ما حضر الطعام فحل موعد الوصف الشاعري المنبعث من المعدة الجائعة:

* وما انقضت إلا ثوان على

حديثنا الملفق الصوري

* إلا وقد مدت أخونتها

بالعرض والطول بتبذير

* وكدس اللحم على بعضه

من غير ما شح وتقتير

* أما كباب السيخ يشوى على

فحم فيحتاج لتصوير

* والرز والسلاطة المنتقاة

والماء صاف بالقوارير

* وبينها «عرائس» تزدهي

كأنها من جنة الحور

* واندفع الكل إلى ما يرى

مشمرا أو دون تشمير

* وحابل خالطه نابل

واختلط القيار بالقير

* ما إن انتهى أبو عمار من وصف المائدة، حتى انطلق يداعب صحبه، الشاعر حميد الصائح وسليمان هندي وخالد العامري، وسواهم:

* فذلك الهندي يا ويحه

كأنه فحل دناصور

* أو أنه القرش إذ أطبق الـ

ـفكان منه حول عصفور

* لو قيل في جهنم يشتوي الـ

ـكباب، مات دون تأخير

* والشيخ سلمان على رسله

يعالج اللحم بتوفير

* ما بين مضغ لحمة وأختها

يأتي بآيات وتفسير

* منطلقا من سورة «النور»

لسورة «الطارق» و«الطور»