بأم عيني..

TT

عنوان المقال يحمل اسم مسلسل فلسطيني شاهدته وأنا طفلة في أول الثمانينات، كان يحكي عن مذكرات كاتبة يهودية اسمها فليتسا لانغر، كتبت عن شهادتها حول تعذيب المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

بأم عيني، يعني أن تخبر بما تثق أنه حصل، إنها شهادة نقية من الشوائب. الكاتب الصحافي تحديدا مثل الشاهد في المحكمة، مسؤول عن كل ما يكتب، أو يشهد، والكتابة الصحافية تختلف عن كتابة منتديات الإنترنت اللامسؤولة التي يختبئ صاحبها خلف اسم مستعار ليهرب من المساءلة. الكاتبة اليهودية في المسلسل الفلسطيني كتبت ما شاهدته رغم أنه مخالف لرغبة قومها، ولكنها تملك عينا، رأت بأمها فاختارت قول الحقيقة.

لذلك تكمن أهمية برنامج «واجه الصحافة» الذي تناولته في مقالي السابق، فالعمل الصحافي الحق لا يحتكر عقول الناس بالتوجيه إلى مسارات محددة، بل يضع المعلومة أمام المشاهد الذي يملك كامل الحرية أن يشكل رأيه حول الموضوع دون توجيه من أحد، وهو ما يتطابق تماما مع المنهج الذي طالما تحدث عنه مدير قناة «العربية» الأستاذ عبد الرحمن الراشد عن مهنية العمل الصحافي.

وقناة «العربية» الإخبارية التي أطلقت برنامج «واجه الصحافة» لها تجربة فريدة مع البحث عن الحقيقة بأم العين، حيث دفعت أثمانا باهظة نتيجة لذلك كان آخرها استهداف مكتب القناة في بغداد، ولو قمنا بحسبة بسيطة لقياس معدل عمر القناة مع عدد مرات استهدافها أو استهداف العاملين فيها لظهرت نتيجة مذهلة.

ما الذي يضطر أي جهة إعلامية أن تتحول إلى جبهة نضال من أجل الحقيقة؟ المسألة بنهاية النهار مسألة خيارات.

أدركت كغيري أن قناة «العربية» منذ نشأتها أحدثت تأثيرا إيجابيا في المزاج العربي العام، ورغم أن لا أحد يدعي أن هناك وسيلة إعلام واحدة في العالم حيادية مائة في المائة فإن «العربية» جعلت الشارع العربي أكثر هدوءا في تعاطيه مع الأحداث السياسية والثقافية من حوله، وأكثر اعتدالا في الحكم عليها، ربحت قناة العرب.

* أكاديمية سعودية - جامعة الملك سعود