كم كان الفارق مهما

TT

راجع، جنابك، الكتب شبه الرسمية التي صدرت في الولايات المتحدة عن حربي جورج بوش الأب وجورج بوش الابن في العراق (بوب ودورد «إنكار» ودنيس روس «فن الحكم» على سبيل المثال). من مقارنة بسيطة للرجل والأدوار، تصل إلى خلاصة بسيطة، وهي أن الأمثال لم تكن على حق: فهذا الشبل ليس من ذاك الأسد.

لم يقرر الأب خوض حرب ضد صدام حسين بحثا عن أسلحة ليس واثقا من وجودها، ولا عندما حشد العراق قواته على الحدود، ولا حتى عندما دخل. فقد كان يظن، مثل العرب، أن صدام يناور، طلبا لبعض المال وبعض التصفيق. لكنه قرر الحرب بعدما احتل العراق كل الكويت واتجه نحو السعودية، وخشي أن يضع صدام يده على نفط الخليج وعنق أميركا.

اتخذ الأب قراره وإلى جانبه رجل يدعى جيمس بيكر، المحامي الذي يؤمن بأنه يجب استنفاد كل إمكانية للتفاوض قبل الإقدام على أي عمل عسكري. واتخذ الابن قراره وحوله ثلاثة: ديك تشيني وبول ولفويتز ودونالد رامسفيلد. ثلاثتهم بدأوا يضغطون في اتجاه الحرب على العراق النووي منذ أيام كلينتون. وكان الابن قد جاء برامسفيلد وزيرا للدفاع بناء على طلب تشيني، الذي أراد مكافأة رئيسه السابق. قرر الأب عدم البقاء في العراق. فإذا بقي فإن أعداء صدام أنفسهم والمساهمين في هزيمته سوف ينظرون إلى أميركا كقوة احتلال، ويرتدون عليها. وخشي بيكر من أن تعم الفوضى في العراق ويسود النهب ولا يعود من الممكن ضبط الوضع. وقال خبراء هذا الكلام لجورج بوش الابن ومجموعته، فكان تقدير رامسفيلد أن العراقيين سوف يخرجون لاستقبال الأميركيين بالزهور. وقيل للمجموعة العبقرية إن السنة، من بعث وعشائر ومحايدين، لن يقبلوا بتسليم حكم قائم لهم منذ العثمانيين. وأصرت المجموعة على أن السنة سوف يخرجون جميعا بالزغاريد لا بالبواريد.

يعدد دنيس روس أمثلة على تعاطي الإدارة الأميركية، بوش الأب ثم كلينتون، مع المسلمين في العراق وفي البوسنة. ويذكر كيف أثارهم الابن منذ الأيام الأولى لوصوله عندما تحدث عن «حرب صليبية» بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول). لم يقدم الأب على حرب تحرير الكويت إلا بعدما حشد تأييد جميع حلفائه وضمن حياد الاتحاد السوفياتي. وذهب الابن إلى الحرب فيما يحذره جاك شيراك من أن «أبواب الجحيم سوف تفتح» إذا ما أقدم على ذلك. فور وقوع انفجار البرجين، قال الابن لمعاونيه «ابحثوا عن دور لصدام حسين». فاعترض مستشاره ريتشارد كلارك: «سيدي الرئيس، (القاعدة) هي التي قامت بهذا العمل». فأجاب: «أعلم ذلك، لكن تحققوا مما إذا كان لصدام أي ارتباط». أوضح الأب للجميع أنه سوف يحارب إذا لم يخرج صدام من الكويت، وظل الابن عاما يعد لها وهو ينفي أي نية حيالها. كم هي اللائحة طويلة، بين أب يعرف وابن يجهل.