البحث عن طريق للخروج من أفغانستان

TT

كان لجهود الفريق «بي» دور مؤثر في تحديد نتيجة نقاشات بين النخبة بشأن قضايا هامة مرتبطة بالأمن القومي. وفي السبعينات، شجع تقرير الفريق «بي» التابع لوكالة الاستخبارات المركزية عن المقتدرات العسكرية السوفياتية، مع عمل «لجنة الخطر الداهم»، إدارة الرئيس كارتر على التحول إلى سباق تسلح مع موسكو. وكان مشروع القرن الأميركي الجديد، تحت قيادة ويليام كريستول ومجموعة كبيرة من المحافظين الجدد، مؤثرا في دفع إدارة الرئيس بوش إلى غزو العراق.

وقد صدر تقرير مثل تقرير الفريق «بي» رسميا مؤخرا من جانب «مجموعة دراسة أفغانستان»، وهي مجموعة متخصصة تضم مسؤولين حكوميين سابقين وأكاديميين بارزين وخبراء في السياسات جمعت بينهم «مؤسسة أميركا الجديدة»، وسيكون لهذا التقرير أثر مماثل. وفي الوقت الذي عجزت فيه الإدارة والكثير من أعضاء الكونغرس عن البحث عن بدائل لاستراتيجية الجنرال ديفيد بترايوس القائمة على مكافحة التمرد، لا يمكن الاستهانة بأهمية هذا التقرير الذي يتسم بالقوة والوضوح.

ويقدم التقرير تحليلا شاملا عن الأسباب والوسائل التي تفرض علينا تقليل الأقدام الأميركية في حربنا الأطول والأكثر تكلفة. وعلى الرغم من أن الحرب تبرر كجهد يهدف التخلص من تنظيم القاعدة، يشير التقرير إلى أنه «لا يوجد سوى 400 عضو من (القاعدة) داخل المسرح الباكستاني الأفغاني بالكامل، ومعظمهم في المحافظات الشمالية الغربية داخل باكستان».

وفي هذه الأثناء، تكلف الحرب دافعي الضرائب الأميركيين قرابة 100 مليار دولار سنويا، أي أكثر بمقدار سبعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي السنوي داخل أفغانستان البالغ 14 مليار دولار، وأكثر من تكلفة خطة الرعاية الصحية التي تتبناها إدارة الرئيس أوباما. وبالنظر إلى هذه التكلفة الكبيرة، علاوة على عدد الجنود الذين يُقتلون أو تلحق بهم إصابات خطيرة، يخلص التقرير إلى أن «المصالح الأميركية المعرضة للخطر داخل أفغانستان لا تبرر مستوى التضحية».

وقد تحدث ماثيو هو، وهو مسؤول سابق في البحرية الأميركية ووزارة الخارجية الأميركية استقال من منصبه في خطوة احتجاجية العام الماضي ويعمل حاليا مديرا للمجموعة البحثية، عن الاستراتيجية المعيبة خلال حديثه معي.

وقال هو: «منذ 2005، وفي الوقت الذي نضع فيه المزيد من الجنود والأموال في هذا الجهد، تقوم الولايات المتحدة و(الناتو) بزيادة الوجود عبر أفغانستان وتحاول توسيع نطاق الحكومة المركزية الأفغانية. ولكن منذ ذلك الحين، لم نر سوى المزيد من الإصابات والقتلى والمزيد من المعارك القتالية والمزيد من الدعم لحركة طالبان وتراجع الدعم لحكومة كرزاي».

وتشجع المجموعة واضعي السياسيات على إعادة فهم الصراع. وبدلا من صراع بين حكومة حميد كرزاي المركزية والتمرد الإرهابي الطالباني، نجدها في الواقع حربا أهلية حول المشاركة في السلطة عبر مختلف الاتجاهات الطائفية والجغرافية والعرقية. ومع وضع ذلك في الاعتبار، يوصي التقرير باستراتيجية تعتمد على تقليل العمليات العسكرية الأميركية وتضع نهاية لها مع التركيز على تنظيم «القاعدة»، وفي الوقت نفسه تشجيع المشاركة في السلطة السياسية والتنمية الاقتصادية والتواصل الدبلوماسي من جانب الدول الأخرى في المنطقة.

وقال النائب مايكل هوندا (الديمقراطي من كاليفورنيا)، رئيس الفريق المسؤول عن أفغانستان في المجموعة التقدمية داخل الكونغرس، إن هذا التقرير يمثل شيئا هاما «على ضوء شبه الصمت داخل واشنطن بشأن بدائل» للاستراتيجية الحالية. وقد دعا هوندا وزملاؤه في فريق أفغانستان إلى إنشاء مجموعة بحثية مختصة بباكستان وأفغانستان بتفويض من الكونغرس.

وفي الواقع، قال هو إن هدف التقرير تحديد إطار لتمويل مجموعة بحثية تابعة للكونغرس من كلا الحزبين بحلول مارس (آذار)، وضمان توافر بديلا لاستراتيجية الكونغرس عندما يحين الموعد النهائي المرن الذي حددته الإدارة لبدء سحب القوات في يوليو (تموز) 2011. وخلال هذه الأشهر الهامة المقبلة، ستركز المجموعة البحثية على التأكيد على نفسها في مواجهة نهج الوضع الراهن للتعامل مع الحرب والوصول إلى مشرعين من مختلف الأحزاب من أجل تشكيل إجماع من مختلف الأحزاب. وسيجعل الأعضاء أنفسهم متاحين أمام وسائل الإعلام، التي كانت في تغطيتها للحرب عاجزة في أغلب الأحيان عن إدراج وجهات نظر خبراء يعارضون استراتيجية بترايوس والبيت الأبيض. وآمل أن هذا التقرير سيُستخدم أيضا من جانب مجموعات سلام تدعو منذ فترة إلى إجراء تغيير مشابه في النهج.

ويبدو في حكم المؤكد أن تقرير بترايوس للكونغرس والإدارة في شهر ديسمبر (كانون الأول) سيقول إن استراتيجيته القائمة على مكافحة التمرد جديدة ويجب أن تمنح الوقت الذي تحتاج. ويتحدث أعضاء المجموعة البحثية عن هذه الفكرة. ويقول هو: «يجب أن يفهم الناس أن هذه ليست استراتيجية جديدة من الجنرال بترايوس. وفي النهاية لا يشهد الوضع تحسنا، نحن نقول ذلك منذ أعوام حتى الآن. كل ما نقوم به هو إرسال قوات إضافية، وهو ما يجعل المشكلة أكبر. ولا يجب إعادة ضبط التوقف فقط لأن الجنرال بترايوس ذهب إلى هناك قبل شهرين».

إن استراتيجية الإدارة معيبة، وتكلفتها كبيرة من ناحية الأموال والأرواح. ويقدم هذا التقرير بديلا واضحا يعمل لصالح أمننا القومي.

* رئيسة تحرير

وناشرة «ذي نيشين»

* خدمة «واشنطن بوست»