جدول 2010

TT

يفيد جدول الدول الفاشلة لعام 2010 الذي تعده مجلة «فورين بوليسي» و«مؤسسة صندوق السلام»، أن خمسا من أصل 37 دولة ينطبق عليها هذا التصنيف، هي بكل اعتزاز وفخر دول عربية، تردد جميعها: «أولئك آبائي فجئني بمثلهم!». كم واحدة من الخمس، خطرت لكم على الفور؟ الصومال، طبعا الصومال. اليمن؟ ربما أيضا اليمن. السودان؟ معقول. العراق؟ أجل، للأسف. والدولة الخامسة؟ أجل «لبنان يا قطعة سما، متلك ع الأرض تاني ما إلا».

بموجب أي معايير، جرى تصنيف هذه الدول؟ إنها: (1) الدول التي لا قرار لها في حياة مواطنيها وشؤونهم. و(2) تلك التي تدهورت فيها سلطة الدولة المركزية على نحو معلن. و(3) حيث يتسع مسرح الجريمة السياسية والفردية وتهريب السلاح والمخدرات. و(4) كرامتها السيادية مهدورة. و(5) تروج فيها أعمال القرصنة والإرهاب. و(6) غير قادرة على تأمين الخدمات الضرورية للمواطنين و(7) تنزلق نحو العنف والفساد والطغيان.

لا تشمل الدراسة فلسطين لأنها لم تصنف دولة حتى الآن. إذن ما هو انطباعك الأول؟ عندما دخل اليمن العصر الجمهوري كان قد مضى على لبنان أربعون عاما كدولة مستقلة. وكان السوداني يصل من العاصمة الى قريته (دعك من المسافات) واللبناني في 40 دقيقة. وكان العالم العربي، إلا مصر، يرسل أبناءه إلى جامعات بيروت. وكان في العراق صحيفة واحدة ممنوع أن ترمى لأن عليها أقوال الرئيس، وكان في لبنان بعض أبرز الصحف في العالم العربي، بما فيها مصر. وعندما التقيت الأستاذ محمد حسنين هيكل أول مرة كان قادما إلى بيروت لنشر كتابه عن «دار النهار».

ثمة قاسم مشترك بين الدول الخمس: لم تتوقف عن التدهور أمنيا وحرية وأخلاقا سياسية. ومثل الصومال مثل لبنان مثل اليمن، الحروب الأهلية انتصارات، وعدد الموتى مفاخرة، وقتيلنا شهيد صاعد إلى الجنة وقتيلكم خائن مفتوحة له أبواب الجحيم. والقاسم الآخر سقوط العلم وامتداد الجهل. والآخر القبول بالمخدرات كجزء من الاقتصاد الوطني والحاجة المعيشية. والآخر ترخيص السلاح أكثر من ترخيص المدارس. والآخر الزعامة للقوة لا للقلب ولا للعقل ولا لفكرة الوحدة ولا لمبدأ الألفة.

لا. ليس من مفاجأة على الإطلاق في تصنيف لبنان في حذاء الصومال. تحية طيبة إلى إخواننا الصوماليين في سياراتهم الجيب المكشوفة رافعة المدافع الرشاشة وأعلام الصومالات الحرة. تحية طيبة أيها الأخوة المواطنون. أختي في مقديشو.