الذي يحترمك لا يرتجل!

TT

كل الخطباء العظماء يقرأون من ورقة، لا لأنهم عاجزون عن الارتجال.. ولكن لأنهم يريدون أن يتكلموا في موضوعات محددة ويخشون أن يستدرجهم الحماس فينسوا ما جاءوا من أجله..

هتلر كان يقرأ من ورقة وكذلك تشرشل وموسوليني.. أما كاسترو فقد استمعت إلى أكثر من خطبة له فكان يرتجل وتستغرق الخطبة ست ساعات وسبع ساعات. وكان من الواجب أن نصفق واقفين دليلا على أثر الخطبة فينا. ولم يكن الذي يوجب علينا الوقوف شيئا هاما في كل الأحوال.. وإنما الرئيس كاسترو هو الذي وجده هاما، ويجب أن يكون هاما..

ليس الزعماء فحسب، وإنما كل الرؤساء، وآخرهم أوباما في القاهرة، كان يقرأ من جهاز، تماما كقراء نشرات الأخبار، يبدون كأنهم يرتجلون والحقيقة أنهم يقرأون.. وكل مسؤول لا بد أن يقرأ من ورقة. فهناك سياسة محددة للدولة متفق عليها ويجب ألا يخرج عنها وزير الخارجية أو وزير الصناعة أو الثقافة. ويرون في ذلك احتراما للنفس وللمستمع..

أما نحن فلا نرى ذلك. وإنما نقول فلان كان يخطب من ورقة أو إنه لم يرتجل. أي إننا نعيب عليه ذلك. والعيب فينا وفي الخطيب. وكنا نرى هتلر مثلا وهو يخطب وهو يسوي شعره الذي انسدل على جبينه ثم ينظر في ورقة وينقلها أمام الملايين ويقول ما كتبه قبل ذلك.. وما فكر فيه. وما يتوقعه الملايين منه. فهم معجبون بالذي يقول ويعيد ويزيد.. ولكن خطباء القرن العشرين قد أعدوا كلمتهم وفكروا قبل أن يجيئوا ورتبوها وسوف ينقلونها كما أعدوها.. وفي كل ذلك احترام للنفس وللمواطن وضبط وربط لسياسة الدولة التي يجب ألا يحيد عنها بارتجاله وفهلوته.. كان ذلك ولا يزال حتى اليوم.. انظر إلى هيلاري كلينتون وغيرها، الكل يتحدث ويحاضر ويخطب من ورقة!