استفتاء تركيا.. هزيمة ثقيلة

TT

عانى الناخبون الأتراك، الذين رفضوا التعديلات الدستورية الجديدة، وأنا واحد منهم، هزيمة ثقيلة في الاستفتاء على تعديل الدستور في 12 سبتمبر (أيلول) الحالي، فقد فاقت أعداد الناخبين المؤيدين لتعديل الدستور، الرافضين بنحو ستة أضعاف، وهو أمر ينبغي على الأتراك الذين صوتوا بـ«لا» التفكير فيه مليا.

لم تدفعني ضخامة العدد إلى التحول عن موقفي، لكني سأحاول تحليل هذه النتائج اليوم.

1) لم يكن الاستفتاء على جملة تعديلات دستورية، لذا أزعم أن 95 في المائة ممن أدلوا بأصواتهم لم يعلموا تفاصيل بشأن ذلك. لكن ذلك ليس خطأ أحد، فلا يتوقع أحد أن تعرف البلاد كل تفاصيل المواد الـ26 التي سيجرى بشأنها التعديل، أو الموافقة عليها أو رفضها جملة واحدة. فالناس تقرر وفق وجهات نظرها السياسية.

2) نظرا لأن تلك هي الحالة، فقد حولت الحكومة والمعارضة العملية إلى «تصويت على الثقة في الحكومة»، وفي النهاية فازت الحكومة بنسبة 58 في المائة من الأصوات، على الرغم من أن إجمالي ناخبيها ليس كبيرا. وهذا رقم جيد إلى حد ما.

3) تحول الاستفتاء نفسه إلى تصويت بشأن الثقة في الرئيس الجديد لحزب الشعب الجمهوري المعارض، الرئيس كمال كليتشيداروغلو، وبالتالي تم التصويت على نهج كليتشيداروغلو أيضا. وعلى الرغم من محاولة حزب الشعب الجمهوري تحويل نسبة 48 في المائة التي حصل عليها لصالحه، فإن المعارضة فقدت عددا كبيرا من الأصوات منذ الانتخابات الأخيرة. ومن ثم لم يتكيف الأفراد مع صورة كليتشيداروغلو كرئيس للوزراء.

4) استسلم حزب الحركة القومية للتأييد في الأقاليم التي فازوا بها في الانتخابات الماضية، خاصة في محافظة أوسمانية (جنوب تركيا)، ومن ثم أصبح حزب الحركة القومية واحدا من أكبر الخاسرين في الاستفتاء. وبات واضحا أن القوميين الأتراك لا يتفقون مع سياسات حزب الحركة القومية، حيث اتهم زعيم الحزب دولت بهشلي بالتراخي قبل الاستفتاء الشعبي، والآن ستكون قيادته محل نقاش.

5) كان الفائز الثاني في هذا الاستفتاء هو اتفاق سلام مع الأكراد والحزب الديمقراطي، الذين نجحوا في تمييز أنفسهم كمقاطعين بين «نعم» و«لا»، وأظهروا للجميع أنهم يمثلون حقيقة مختلفة في البلاد، وسوف نناقش تفاصيل هذه القضية في مقال لاحق.

6) لسوء الحظ فإن هناك الآن خريطة تحمل ثلاثة ألوان لتركيا أمامنا، وقد أحزنني هذا الفصل للألوان. فالبحر الأبيض المتوسط وإيجة وتراقيا يمثلها لون واحد، فيما يمثل أقاليم وسط الأناضول والبحر الأسود لون مختلف، ويهيمن اللون الثالث على الجنوب الشرقي. لقد حان الوقت لكي نفكر مليا في هذه المشكلة سويا.

7) تغلب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان على عقبة مهدت له الطريق لقيام نظام رئاسي شمولي في تركيا، والآن هناك عقبة أخرى تواجهه، هي الرئيس الحالي عبد الله غل.

8) لا أعلم إن كنا سنبدأ في وضع دستور جديد في 2011 أم لا، لكن الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أن المواد الدستورية الخاصة بالمحكمة الدستورية والهيئة العليا للقضاة والمدعين العامين لن تتغير، بغض النظر عمن سيحكم البلاد في 2011. لقد قدمت الهيئة القضائية للهيئة التنفيذية على طبق من ذهب من خلال هذه المواد الدستورية، ولا أحد يمكنه مقاومة إغراء هاتين المادتين.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية

http://www.hurriyetdailynews.com/n.php?n=a-heavy-defeat-2010-09-13