اختيار أفضل سكرتيرة

TT

ربما يتحاشى البعض أن تكون سكرتيرته جميلة خوفا من غيرة زوجته! وربما يحرص البعض الآخر على تعيين سكرتيرة حسناء وأنيقة اعتقادا منه أن ذلك هو جزء من وجاهة مكتبه أو «البرستيج» الاجتماعي، ولكن هل هذا هو أهم ما ينبغي أن تتصف به السكرتيرة؟ وهل يجب أن يشغل هذا المنصب المهم في عالم الإدارة المرأة فقط أم للرجال نصيب في المنافسة؟

البعض يظن واهما أن عصر السكرتارية بدأ ينجلي تدريجيا بحلول التكنولوجيا الذكية، ولكن الأمر على العكس من ذلك. فهناك صفات بشرية مهمة لا تحل محلها التكنولوجيا ويجب أن يتصف بها موظفو السكرتارية حتى لا يهدر المديرون عشرات وربما مئات الساعات من وقتهم الثمين طوال العام. على سبيل المثال، السكرتير الفطن هو «لبيب بالإشارة يفهم» خصوصا إذا ما ظهر فجأة للمدير ضيف ثقيل يدخل عليه مكتبه من دون موعد سابق. هنا يفضل أن تتفق السكرتيرة مع مسؤولها على «إشارة خفية» بينهما للتخلص من هذا الضيف الذي باغتهما من دون «إحم ولا دستور» كما يقال. والإشارة بينهما يمكن أن تكون رسالة بريدية إلكترونية (فارغة) يرسلها المدير إلى سكرتيرته لتخلصه من هذا الضيف، فتدخل - مثلا - على المدير وتذكره بقرب حلول موعد اجتماع آخر، فربما «يفهمها» الضيف ويرحل أو يختصر - على الأقل - في كلامه! ويمكن أن تحدد السكرتيرة مع مديرها الوقت الذي إن تجاوزه الضيف تأتي هي لنجدته بلباقة السكرتارية المعهودة.

في بعض الأحيان يمكن أن تقوم السكرتيرة مقام المدير بتصريف العاجل من الأمور المتراكمة، كتحويل الأعمال إلى مساعدي المدير، أو عدم تحويل المكالمات غير المهمة إليه حتى ينتج بصورة أكبر. ولأن الطباعة جزء أساسي مع عمل السكرتيرة، وحتى لا يهدر المدير وقته، فيجدر أن يكون لدى السكرتيرة المقدرة على الطباعة بسرعة لا تقل عن 35 كلمة بالدقيقة، وهو المعدل العالمي المتعارف عليه. فكلما قلت سرعة الطباعة تأخرت أعمال المدير واضطر هو إلى مساعدتها بنفسه.

والتكنولوجيا الحديثة زادت من أهمية السكرتارية، ولم تنقصها، إذ صار بإمكان السكرتيرة حجز تذكرة سفر عبر الإنترنت أو متابعة حالة وصول طرد بريدي عبر موقع شركات الشحن (Tracking)، أو الرد على البريد الإلكتروني للمدير في حالة غيابه. كما يمكنها أيضا الاستفادة المثلى من الحاسوب والماسحات الضوئية في أرشفة المخاطبات القديمة إلكترونيا ليسهل على المدير الرجوع إليها وقت الحاجة، من خلال ترقيمها بطريقة أرشيفية عملية.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل مهارات «السكرتيرة» أفضل من «السكرتير»؟ لا يختلف اثنان على أن دقة ملاحظة المرأة للتفاصيل تفوق كثيرا من الرجال (ولكل قاعدة استثناء). أذكر أنني كلما وزعت في دوراتي أوراقا ليدون الحضور فيها كل شيء يشاهدونه في القاعة، خلال دقيقتين، أفاجأ بأن القوائم التي يسلمها لي النساء أطول بكثير مما يقدمه معشر الرجال، إذ تحوي على تفاصيل كثيرة لا تخطر على ذهن الذكور كألوان الكراسي وعدد الأبواب وشكل السبورة وشكل الستائر وحتى التفاصيل الدقيقة في هندام المحاضر وغيرها! هذه الدقة مطلوبة بل ومهمة في أعمال السكرتارية.

وقد أشرت في كتابي «المرأة تحب المنصتين» إلى دراسة علمية تظهر أن المرأة لديها مقدرة على القيام بأكثر من مهمة في وقت واحد (Multi Tasking). حيث إنها تقوم بوظائف الجانبين الأيمن والأيسر من الدماغ بكل سهولة فيما يجد كثير من الرجال صعوبة في ذلك. فالمرأة، مثلا، يمكنها قراءة أو كتابة البريد الإلكتروني والتحدث بكل أريحية عبر سماعة الهاتف وهو ما يشكل صعوبة ملحوظة لدى بعض من الرجال.

أيا كان موظف السكرتارية، ذكرا أو أنثى، يبقى هذا المنصب جزءا مهما لحسن تأدية المدير لعملة والحفاظ على وقته الثمين، خصوصا في عصر تعددت فيه وسائل الاتصال والضغوطات على المدير وكافة العاملين معه. والملاحظ أن كثيرا من المؤسسات صارت تتخلى عن مسمى «سكرتير» واستبدلت به مسمى «مساعد إداري» لأن السكرتير يقوم بدور مهم في مساعدة مديره لتأدية عمله على الوجه الأمثل.

[email protected]