العيد بين «عذاب القبر» و«سفاح الخادمات»!

TT

تخيل أنك خارج من بيتك في نهار أيام العيد، تحاول أن تقتسم الفرحة مع الآخرين، تفوح من ثيابك رائحة العطور والبخور، وقد طرزت الدروب بملابس الأطفال الملونة كبيارق العيد، لكنك تجد في الخارج من يتربص بك لكي يسرق بعض فرحك، ولربما كله، يأتيك من بوابة الدعوة إلى الخير، فلا يوزع عليك الشوكولاته وحلوى اللوزية، ولكن يوزع عليك كتيبات عن عذاب القبر وقصة الجنازة، تتذكر أنك مسلم مؤمن، تعمل الكثير لآخرتك.. قرأت الكثير في أمور دينك، واستمعت إلى مئات الخطب في المساجد والمنابر، ولكنك لم تتوقع أن تقرأ هذه الكتيبات في نهار أيام العيد، فهل خشوا عليك من المسرة فرغبوا في إلجام فرحك؟

مقبولة لو أن هذه الكتيبات تسلمتها من محتسب سئم تكاليف الحياة - كالشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى - فركز جهوده للتذكير بالآخرة، ولكن الجهة التي توزع هذه الكتيبات في إحدى محافظات مكة المكرمة - بحسب عكاظ - هي لجنة التنمية الاجتماعية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، نعم «لجنة التنمية الاجتماعية»، أي تنمية؟ حقا لست أدري!

تعود إلى بيتك مسكونا بالخوف من الموت، وعذاب القبر، يذكرك أطفالك بأن اليوم عيد، وعليك أن تصطحبهم إلى الخارج، لا تجد نفسك مهيئا لمثل هذه النزهة الدنيوية، وأنت المثقل بقلقك، تعتذر لأطفالك، فتتعالى صرخاتهم في أرجاء المنزل، وترمقك زوجتك بنظرة عتب، فترتدي ثيابك من جديد، وتخرج بصحبة أطفالك متجهما، وكأنك تسير في جنازة، وتعبث ابنتك الصغيرة بمذياع العربة، فينطلق صوت محمد عبده:

«ومن العايدين إن شا الله

ومن الفايزين إن شا الله»

فتسارع إلى إسكاته، تمر في طريق العودة إلى أقرب محل لبيع الصحف، تشتري واحدة، يستوقفك خبر القبض على «سفاح الخادمات»، الذي قتل ومثل بجثث بعض الخادمات في محافظة ينبع، وكانت أولى الضحايا في شهر سبتمبر (أيلول) 2007، أما آخرهن فقتلها في شهر أغسطس (آب) 2009، تشعر أن القبض على مجرم خطير كهذا يمثل هدية الأجهزة الأمنية في العيد، تدخل في تفاصيل أسرة السفاح، الزوجة متسولة، الأطفال لم يذهبوا إلى المدرسة قط، فالسفاح كان حصالة لدخل الأسرة من التسول وغيره لينفقه على نزواته.

تردد بينك وبين نفسك:

يا أمان الخائفين!

[email protected]