من «سيد» لأسوأ!

TT

تغني مشاهدة البلطجة السياسية في بيروت اليوم، بقيادة كل من اللواء السابق جميل السيد وحزب الله، عن كل قول، لنعرف إلى أي مستوى انحدر لبنان. فنحن أمام رجل أمن سابق يتوعد بأخذ الحق باليد، وأمام حزب الله الذي كان يعتقد البعض أنه قد تلقف لحظة ارتباك في صفوف جمهور «14 آذار» بعد حوار سعد الحريري العاصف في صحيفتنا، الذي تحدث فيه بلغة اعتذارية لسورية، ليتضح أن موقف الحزب أكثر خطورة مما كان يعتقد.

فحزب الله لم يتلقف خطاب الحريري، أيا كان الموقف منه، تجاه سورية، بشكل إيجابي. بل الواضح أن الحزب فقد صوابه بعد حديث الحريري. وهنا أصبح السؤال هو: هل يعتقد الحزب أن الحريري في لحظة ضعف، أم أن الحزب يشعر بأن التقارب بين «14 آذار» ودمشق سيكون خطرا عليه؟

وعليه، فإن مجرى الأحداث، إلى الآن، يقول إن حزب الله يستهدف سنة لبنان، عموما، من خلال استهداف زعيمهم، ويسعى لهدر دم الحريري الأب بمطالبتهم بإلغاء المحكمة الدولية، خصوصا أن الحزب يستعد لذلك، بحسب بعض المعلومات، من خلال تجنيد مرتزقة سنة، على غرار ما فعلت إيران مع «القاعدة» في مواقع كثيرة، ليحملوا السلاح نيابة عن الحزب في اللحظة الحاسمة، وليس على غرار انقلاب السابع من مايو (أيار). فحزب الله يهدد اليوم باختطاف لبنان كله، كرهينة، ما لم تتم الاستجابة لمطلبه ويتنازل أهل الدم في محكمة الحريري. وها هو النائب في حزب الله حسن فضل الله يهدد بـ«فتنة ربما لم يشهدها لبنان من قبل»!

كل ذلك يساعد على فهم لماذا وفر حزب الله حماية علنية للواء جميل السيد فور وصوله إلى مطار بيروت، السيد الذي توجه بخطاب ليس للعالم وحسب، بل وخاطب، حسب قوله، حتى «الطائفة السنية»؛ حيث عاد إلى التهديد بالنزول إلى الشارع. ولا ندري ما هو الشارع الذي يهدد السيد بالنزول إليه أكثر من الانحدار الذي أظهره في خطاباته. فإن لم يكن هذا هو الشارع بعينه، وهذه أخلاقياته، فما هو الشارع إذن؟!

اللافت أنه في الوقت الذي يقول فيه مدير عام قوى الأمن اللبناني اللواء أشرف ريفي لجميل السيد: «السجن لك ولأمثالك، وللقتلة الذين تحميهم» نجد أن حزب الله يقوم باستقبال السيد في صالون الشرف الذي يستقبل فيه الزعماء والوفود في المطار، بل ويهدد الحزب بأنه «سيقطع اليد الظالمة التي ستتطاول على اللواء السيد»!

الطريف أنه كان هناك من يعدّ اللواء جميل السيد لخلافة نبيه بري في البرلمان، ولو حدث ذلك لبات على اللبنانيين أن ينصبوا تمثالا من ذهب لبري، من باب «ما تعرف خيري إلا لما تجرب غيري»، لكن الحمد لله أن ذلك لم يحدث.

ولذا نقول، وعلى غرار مقولة إنه «من سيء لأسوأ»، إن لبنان بات اليوم من «سيد» إلى «سيد» آخر لا يقل سوءا عنه سياسيا!

[email protected]