مع زيادة استعمال الإنترنت والأجهزة الإلكترونية الحديثة والمتطورة، تواجه حاليا العديد من الصحف اليومية المطبوعة الشهيرة مشكلات اقتصادية عديدة، منها الانخفاض المتزايد في نسبة مبيعاتها وعائدات إعلاناتها، الأمر الذي أدى إلى إعلان العديد من هذه الصحف الدخول لمرحلة جديدة في وسائل النشر الإلكتروني والذهاب إلى حيث القراء وبالوسائل التي يفضلونها وفي الأوقات التي تناسبهم، وما يتبع ذلك من تقليص والاستغناء عن العديد من أقسام الصحف وإلغاء للعديد من الوظائف والأعمال والأقسام الصحافية.
ومؤخرا وفي احتفال صحيفة «الشرق الأوسط» و«الشركة الخليجية للدعاية والإعلان» بشركائهما في النجاحات التي حققتها خلال الفترة الماضية، أعلنت الصحيفة عن إطلاقها لتطبيق «إيه بي بي» (APP) التفاعلي المتكامل على أجهزة الـ«آي باد» (iPad) كأول تطبيق لصحيفة عربية في المنطقة.
وهذه الخطوة الفريدة والمميزة تحمل العديد من الدلالات والمعاني، منها الاستعداد لمواجهة تحديات التطور التكنولوجي المتزايد وآفاق النشر الإلكتروني الواعدة، فقد أخذت الصحيفة على عاتقها ومنذ تأسيسها مواجهة هذه التحديات، بالتطور المتميز والمستمر. فقد بدأت قبل سنوات خدمة الرسائل الصوتية والرسائل النصية والتطوير في الموقع الإلكتروني للصحيفة، سعيا للوصول إلى العديد من القراء في أي وقت وفي كل مكان وتغطية كافة اهتماماتهم ورغباتهم بالمعلومات والتحقيقات والخدمات والملاحق الصحافية المتميزة.
وجدير بالذكر أن التطورات التكنولوجية المتسارعة والمتزايدة قد صاحبها أيضا مؤخرا تطورات في عالم النشر والكتابة، تمشيا واستعدادا لآفاق عالم النشر والكتابة المستقبلية الواعدة، فقد قامت بالفعل العديد من الصحف العالمية الشهيرة بتدشين والاهتمام بمواقعها الإلكترونية على الإنترنت والأجهزة الإلكترونية. وهناك الآن طلب متنام على نسخ الصحف والكتب الإلكترونية على الإنترنت والأجهزة الإلكترونية الحديثة، والذي قد يفوق الطلب على الإصدارات المطبوعة. فعلى سبيل المثال تم الإعلان مؤخرا أن «قاموس أكسفورد» الإنجليزي العالمي الشهير الذي يحتوي على نحو مليار كلمة، سوف يصدر في المستقبل القريب عبر الإنترنت، هذا بالإضافة إلى خطط حالية لنشر العديد من المجلات والروايات والكتب الرقمية على أجهزة «آي باد» والهواتف الجوالة العصرية الحديثة، لجعلها في متناول الكثيرين، وكجزء من استراتيجيات الاستعداد لأجيال النشر الرقمية المقبلة.
أخيرا، تجربة صحيفة «الشرق الأوسط» في النشر الورقي والإلكتروني جديرة بالدراسة والتقدير والإشادة، والآن بتدشين الصحيفة لموقعها على أجهزة الـ«آي باد» تدخل آفاقا جديدة في عالم النشر، لتكون بحق صحيفة العرب الدولية والصحيفة الأكثر تأثيرا، كما أن هذه الخطوة دعوة لصحفنا العربية ومؤسساتنا الصحافية للتطوير المستمر والاهتمام بمواقعها الإلكترونية عبر الإنترنت والأجهزة الإلكترونية، لمواجهة تحديات النشر الإلكتروني، وللوصول لأكبر شريحة من القراء في أي وقت وفي أي مكان، وكذلك دعوة للعديد من مؤسساتنا الحكومية وجامعاتنا ومراكزنا العلمية للاهتمام بمواقعها الإلكترونية وتدشين مواقعها عبر عالم الأجهزة الإلكترونية كالهواتف الجوالة والـ«آي باد». والمتصفح لبعض مواقع مؤسساتنا يجد أنها لا ترقى إلى مواصفات وشروط تصميم المواقع الإلكترونية العالمية، فعند الدخول لبعض هذه المواقع تصدم بعبارة «عذرا الموقع تحت التأسيس (أو تحت التطوير)»، وتستمر هذه العبارة لعدة شهور، كما أن محتوى هذه المواقع بعيد عن التطوير والتحديث المستمر، وهناك أهمية لاهتمام مؤسساتنا التعليمية بتعليم أبنائنا كيفية تصميم المواقع الإلكترونية، والتي تشهد حاليا تنافسا واستثمارا مربحا، للاستعداد لمواجهة تحديات التكنولوجيا المتزايدة وآفاقها الواعدة.