السنة والشيعة.. السكين وصل إلى العظم!

TT

أعلنت الكويت حظر التجمعات العامة للحد من تصاعد التوتر الطائفي بين السنة والشيعة، وذلك لتطويق «فتنة مذهبية»، وبلغ الأمر أن حذر رئيس مجلس الوزراء الكويتي بالإنابة الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، من أن «السكين وصل إلى العظم»، وذلك على خلفية تصريحات مشينة ومتطرفة بكل المقاييس، لشخص لا يمكن القول عنه إلا أنه متطرف، في حق السيدة عائشة رضي الله عنها. وبالطبع لمسنا تفاعلا في الإعلام الخليجي، وتحديدا المقروء، ضد تلك التصريحات المتطرفة والمشينة.

وبعيدا عن تلك التصريحات، قررت البحرين، لأسباب مختلفة، سحب الجنسية عن شخص شيعي، ومنعت آخر من الخطابة، وفي لبنان نرى الهجمة المنظمة على السنة، كما نرى الحوثيين في اليمن يلتحفون بعباءة الولي الفقيه، ونسمع من يقول في العراق بأن الحكم يجب أن يبقى للشيعة، حتى وإن كان العراق يحكم بآلية ديمقراطية. وبالتالي، وعطفا على ما سبق، يصبح السؤال الآن: إلى أين تسير منطقتنا؟ ومن مصلحة من كل هذا التأجيج الطائفي؟

هناك شقان في المسألة؛ الأول هو أنه لا يمكن أن نعرض أمننا ومكتسباتنا، وأهمها هنا الاستقرار، للخطر كلما تفوه متطرف، أو باحث عن الشهرة، بأمر مخالف أو مشين، فلدى كل طرف متطرفون، والتطرف والتشدد لا يولد إلا مزيدا من التطرف، والتشدد. وبالتالي، لا بد من الحكمة في التعامل، وعدم التعميم.

والشق الآخر أن من مصلحتنا ترسيخ مفهوم المواطنة، وحق العيش المشترك، واحترام الاختلاف، وهذه مسؤولية الحكام، ورجال الدولة من المستويات كافة. وبالطبع، على الإعلام الحذر كل الحذر من أن يصبح حمالة الحطب، لكن ذلك لا يعني إغفال الدور الخطير الذي تقوم به إيران في منطقتنا، ولا بد من فضحه، وتعريته، لكن دون أن نهدم بيوتنا بأيدينا، فالاستقرار نعمة لا بد أن يتم الحفاظ عليها.

كما أن ترسيخ المواطنة ليس بتقديم تنازلات أمام الإساءة للأديان، أو التطاول على الأنبياء والخلفاء الراشدين، والصحابة، وزوجات النبي عليه الصلاة والسلام، بل بضرورة ممارسة الكثير من التعقل، ومعالجة الحالات الفردية كحالات فردية، لا أن تكون هناك مبالغة في ردود الفعل مما يقود إلى تأجيج الصراع الطائفي.

والإشكالية أن من يلعبون بنار الطائفية يتناسون أنهم سيكونون الأكثر تضررا منها، عاجلا أو آجلا، سواء في إيران أو من يعاونها في هذا الأمر بمنطقتنا. فهناك إثنيات وفسيفساء داخل إيران نفسها إن هي تأججت فستكون أكثر خطرا على إيران من أي عدو خارجي، والأمر ينطبق على آخرين في المنطقة.

لذا، فإن المهم هنا هو التعقل، وعدم جر دولنا، وتحديدا دول الخليج، إلى منزلق خطر، فقط بسبب فعل فردي؛ فالخطر الذي يتهدد الخليج أكبر مما نعتقد، وعلينا ألا نسمح بأي عمل يؤدي إلى تصاعد التوتر الطائفي بين السنة والشيعة في منطقتنا. فلدينا الكثير مما يستحق أن نحافظ عليه، ولا نسمح لأحد بأن يجرنا إلى مستنقع الأزمة الطائفية، وأهم تلك المكتسبات هو نعمة الأمن والأمان التي أسبغها الله علينا.

[email protected]