أيضا.. في مسألة الدولة المدنية

TT

مضطرون إلى مواصلة السباحة في البديهيات لتوضيح أن الشمس تشرق من المشرق وتغرب إلى مغربها، وأن القول بذلك لا يعني أننا نمتلك الحقيقة المطلقة، ولكننا نعرف الحقائق التي لا جدال فيها، ونشير إلى أن البرهان الساطع أمامنا يؤكد أن الشمس شمس، وذلك بكل الحواس الرشيدة، وبالعقل؛ الذي كم من المغالطات والمراوغات ترتكب باسمه.

رغم الانزلاق المتسارع إلى تنحية الدين تماما عن قيادة حياتنا بكل تلك الترسانة من القوانين الوضعية المستجلبة من الدساتير الغربية، التي ما أنزل الله بها من سلطان، فإن ثمة ورقة توت كانت دائما تغطي سوءات ذلك الانسلاخ من أرضيتنا العقائدية، الانسلاخ الذي هو بلا شك ضد مصالح البلاد والعباد. فكان من المعتاد التنويه بالتمسك بقاعدة: إجازة القانون الذي لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية فحسب، وأما المتعارض مع الشريعة، فيتوجب حذفه ورفضه ورده، إلا أننا صرنا نتفاجأ بتسربات المقولات الجديدة لتكتل الجماعة الرافعة لافتة «الدولة المدنية» والتي لم تعد تطيق حتى ورقة التوت تلك التي لا ترضي ربنا ولا تنفع عبده، وتعتبرها دليلها الدامغ على الدولة الدينية المزعومة التي تهدد أسس الدولة المدنية.

وقد بدأت تلك الجماعة، المزهوة بسلطتها وتسلطها، تغرقنا بتحليلاتها وشروحاتها التي تتدفق بجرأة، وتدلف، بمزاحمة، لتمكين اللادينية على أرض مصرنا كنانة الله المحروسة، وطمس كل ملامح الدين، تارة برمي «مطبات» في الكلام مغالطة ولا معنى لها مثل مقولة «الدولة لا دين لها»، وتارة «بشقلباظات تبويرية» لا تتقي غيظ الحليم، وفي «شقلبة» مباشرة لقاعدة: «قانون الشريعة فوق القانون الوضعي»، قرأنا شرحا لما تتطلبه الدولة المدنية يقول بالحرف: «... فعندما تحل معادلة الحلال والحرام بديلا لمعادلة القانوني وغير القانوني فإننا نكون قد ابتعدنا عن المرحلة الوضعية إلى التحليق في سماوات العقيدة الروحية وآفاق المشاعر الدينية...»، (انظر: مصر الدولة المدنية والرؤية العصرية، د. مصطفى الفقي، الأهرام 7/9/2010)، والمقترح والمتضمن في هذا الكلام وسياقه هو الآتي: إذا تعارض الحلال والحرام مع القانوني فعلى الحلال والحرام أن يتنحيا ويضربا تعظيم سلام لحضرة القوانين الوضعية لاستكمال أركان دولتهم اللادينية تحت اسمها الحركي الدولة المدنية!

إننا في خضم التعنت الصهيوني لوصم الأرض المباركة فلسطين بإطار «الدولة اليهودية» مع هلاوس المتهوسين لحرق القرآن الكريم، نستنكر كل محاولة بين ظهرانينا تحاكي الحرق السفيه بالحض على تعطيل آيات كريمة من آيات الكتاب العزيز في سورة النساء أرقام 59 حتى الآيتين 64 و65 اللتين تقولان: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» صدق الله العظيم.