من المطار رحلة العودة إلى «7 أيار»

TT

يصعب على المتأمل للاحتضان الأمني والسياسي الذي أصر حزب الله على تظهيره السبت الماضي خلال استقباله اللواء جميل السيد تفادي المقارنة بين مشهدية مطار بيروت وما حدث في «7 أيار» قبل عامين. بدت تلك المقارنة تلقائية، وعلى من خانته الذاكرة الاستعانة بخدمات «غوغل» و«يوتيوب» لإنعاشها. السيارات الرباعية الدفع السوداء التي لا تحمل لوحات تسجيل والتي ركنت أمام موقف المطار هي نفسها التي دخلت شوارع بيروت في «7 أيار» والتي ما إن كان مسلحوها يتأكدون من سقوط الشوارع عسكريا حتى تتسلمها قوى «حليفة» لهم.

الفارق هو أن الصورة لم تكن سهلة في «7 أيار». حينها بذل حزب الله جهدا اضطر من أجله لإقفال وسائل إعلام، وحرقها إن اقتضى الأمر، وفرض قيود ورقابة فعلية على المصورين والصحافيين ولو كانوا من إعلام الحلفاء. جهد حزب الله حينها لضبط الصورة المنقولة، وهو فعل، لكن ليس بالكامل، واستطعنا أن نرى الكثير، ولنشكر «يوتيوب» أنه موجود لأنه حافظ للذاكرة.

في «7 أيار» لم يكن حزب الله يريد تظهير صورته وهو يحتل بيروت. هو لم يبال كثيرا بصور مسلحي حلفائه لكنه مارس ضبطا محكما على صور مسلحيه. أما السبت الماضي أبدى الحزب حرصا معاكسا تماما ولعله ندم على تمنعه على وسائل الإعلام في «7 أيار»، فهو سعى هذه المرة للتيقن من أن جميع الإعلام موجود في المطار وأن جميع الصحافيين يرون ويصورون وينقلون مباشرة صور حراس حزب الله ببزاتهم الأمنية الموحدة ونظاراتهم الشمسية وأجهزة الاتصال والرشاشات والسيارات التي لا تحمل لوحات. هؤلاء كانوا يجاورون تماما، بل تجاوزوا، قوى الأمن والجيش الذين بدوا فاقدي السيطرة والحيلة تماما كما كانوا في «7 أيار».

لقد أحيط جميل السيد بأمنيين من حزب الله أكثر مما يحاط السيد حسن نصر الله لدى إلقائه خطاباته أمام الإعلام!!

أراد حزب الله للبنانيين وللعالم أن يرى بوضوح استعراضه الأمني والعسكري، بل إن أحد نوابه قال للصحافيين «إننا في المطار لندافع عن القضاء وعن الدولة».

لكن ليس صعبا قراءة مشهد السبت الماضي. فما رأيناه هو الدفاع عن الدولة بتقوية اللادولة والدفاع عن القضاء بتقوية اللاقضاء واللاشرعية..

قد يتجاوز اللبنانيون مشهد السبت الماضي كما سبق لهم أن تجاوزوا ما هو أفدح وأقسى.

لكن ما فاض من الإعلام اللبناني مؤخرا يوحي كم هو معقد المأزق الذي نحن سائرون إليه.

فأن يخرج العماد ميشال عون ويطلب من مناصريه أمام الإعلام أن لا ينصاعوا لأوامر أحد الأجهزة الأمنية اللبنانية, وأن يهدد اللواء السيد أمام الإعلام بل ويطلب من الإعلام أن ينقل أنه سيأخذ حقه بيده، وأخيرا أن يدعو حزب الله الإعلام ليتباهى أمامه بسطوته الأمنية وبعجز الدولة أمامه، فهذه كلها مرايا لتصدع لبناني ليس بمقدور التفاهمات العربية والدولية أن تعالجها وإن تمكنت من ضبط انفجارها أو تأجيله في أحسن الأحوال.

diana@ asharqalawsat.com