بادي آمون.. والبئر المسحورة!

TT

بادي آمون.. هو كاهن مصري قديم بنى لنفسه مقبرة في منطقة تسمى العساسيف بالبر الغربي للأقصر، والمقبرة مسجلة في دفاتر الآثار تحت رقم 33، وقد أثيرت حولها الأساطير والقصص حتى إن الأثريين أصبحوا يخشون حتى مجرد الاقتراب من هذه المقبرة.. والجميع يقولون إن بادي آمون كان من أحد مهامه القيام بالسحر والأعمال السحرية، وهي من وظائف ومهام الكاهن في مصر القديمة، التي تحدث عنها القرآن الكريم في أكثر من موضع وشهد بمهارة هؤلاء الكهنة السحرة. بل إن أكثر من حادث وقع لباحث أو عالِم آثار في هذه المقبرة، وبالذات في البئر المؤدية إلى حجرة الدفن، التي يصل عمقها إلى سبعة أمتار، ونظرا لكثرة حوادث السقوط الغريبة في هذه البئر فقد أطلق الأثريون عليها اسم «بئر اللعنة».

وتبدأ أولى قصص الحوادث في عام 1798م، أثناء قيام علماء الحملة الفرنسية على مصر بتسجيل آثار الصعيد وكانوا يعملون ليلا ونهارا، واستطاعوا نشر موسوعة مهمة هي «موسوعة وصف مصر».. وتصادف دخول أحدهم إلى المقبرة على ضوء شمعة لرؤية نقوشها ومحتوياتها، وفجأة سقط في بئر المقبرة ليلقى حتفه.. وبعد ذلك بما يقرب من القرنين من الزمان جاء عالِم الآثار الألماني شينكل، وكان يعمل في تسجيل المقبرة في عام 1974م، تمهيدا لنشر كتابه عن آثارها ونقوشها، وأثناء العمل سقط داخل البئر دون سبب معروف!

وعلى الرغم من عدم وجود تأريخ لما حدث في الفترة بين سقوط أحد علماء الحملة الفرنسية في بئر المقبرة وحتى تاريخ سقوط عالِم الآثار الألماني، فإن آخر الحوادث، التي أتمنى أن تكون بالفعل هي الأخيرة، كانت من نصيب الأثري المصري الأستاذ علي الأصفر مدير آثار القرنة السابق، وكان في صحبة بعض علماء الآثار الأجانب، ودخلوا لزيارة المقبرة، وأثناء خروجهم سقط هو من بينهم في البئر ذاتها، وأنقذته العناية الإلهية من موت محقق، وخرج من الحادث ببعض الكسور المضاعفة، وقد شفي من بعضها ولا يزال آثار بعضها موجودا إلى الآن، والحمد الله الذي لا يُحمد على مكروه سواه.. وقد قمنا بعلاجه في ألمانيا، وبعد عودته أصر على أن ينقل من عمله في الأقصر إلى أي عمل آخر، وهو الآن يعمل مديرا لآثار الهرم، وأصبحت كلمة «بئر» الآن تسبب له رعبا، وأعتقد أنه لن يفكر مرة أخرى في المرور بجوار أي بئر حتى ولو كان عمقها سبعة سنتيمترات لا سبعة أمتار!

وبعد الحادث كان السؤال الذي طرحته على المسؤولين عن الموقع: لماذا لا تتم تغطية فوهة هذه البئر بشباك حديدي مثلما هو معمول به في معظم آبار الدفن بمقابر الفراعنة؟ وكانت الإجابة الغريبة أنه تم عمل شباك حديدي للبئر أكثر من مرة وتم بالفعل تغطيته، ولكن بمرور الوقت تأتي أحداث وأعمال تتطلب كشف البئر لنزول المرممين والأثريين إلى حجرة الدفن للقيام بأعمال أثرية، وبعدها ولسبب أو لآخر لا تتم إعادة الغطاء إلى البئر!

والجميع لا حديث له سوى عن بادي آمون صاحب المقبرة.. ذالك الكاهن الساحر الذي وضع سحرا ببئر مقبرته ليوقع بكل من يحاول الاقتراب من حجرة دفنه.. وأصبح بادي آمون وبئر مقبرته أسطورة أخرى من أساطير الفراعنة.