انتخبوا الأشرف

TT

لم يكن المقصود بالانتخابات البرلمانية الأفغانية أن تكون خبرا مضحكا. لكنني لم أستطع أن أتمالك نفسي، كما يقال في هذه الحالات. تابعت المعركة «الانتخابية» في بلاد الأفغان، في «النيويورك تايمس»، لكي لا تخامرني لحظة واحدة عقدة ذنب بأنني تابعتها في الصحف الكارهة للديمقراطية الأميركية، أو لتلك التي يمارسها الرئيس حميد كرزاي بألوانه الطبيعية، وأناقته التي اعتادها زمن الإقامة في روما، بحيث يبدو دوما وكأنه يمثل قوس القزح أكثر مما يمثل الشعب الأفغاني.

حسب «النيويورك تايمس» بيعت أصوات الناخبين في مقاطعة كوندوز بـ 15 دولارا للصوت. في شرق مقاطعة غازني، وصل سعر الصوت إلى 18 دولارا. في قندهار بيعت «وكالة» الاقتراع باسم شخص آخر، بدولار واحد. أما معدل الصوت في إقليمي خوست وهيلمند، فراوح بين 5 و6 دولارات. ينخفض السعر أكثر في صفقات الجملة، وتتهاود الأثمان. الذي يريد انتقاد الناخب الأفغاني بسبب عبثه بالديمقراطية الأميركية وتوجيهات الرئيس كرزاي، يجب أن يتذكر أن الخمسة دولارات موازنة أسبوع لمئات الآلاف من الأفغان. أما العشرون، فدخل شهر كامل. إذا حصل. كتبت في هذه الزاوية، قبل عودة جورج بوش المظفرة إلى كابل، أن موازنة البلد نحو 170 مليون دولار، للصحة والدفاع والداخلية والتربية والشؤون الاجتماعية والمالية وربما لوزارة الحدائق ومعارض الزهور السنوية، بما فيها الأفيون والخشخاش.

اقترحنا على واشنطن، بكل سذاجة، بدل أن تقصف الأفغان بالطائرات ويقصفوها بصواريخ ستينغر التي وزعتها عليهم لضرب السوفيات واقتصدوا في إطلاقها، اقترحنا أن توزع كلفة شهر حربي واحد، على بلدات وقرى البلاد. صحيح أن ما سيأخذه شيوخ القبائل لأنفسهم يتجاوز 80%، لكن العشرين في المائة الباقية تكفي، مع الوقت، لنقل أفغانستان من عصر إلى عصر.

أشعر بالخجل عن كبار الصحافيين الغربيين الذين نزلوا خلف الأميركيين في كابل وراحوا يحدثوننا في فجرها الجديد. عن الديمقراطية والحريات والتعليم والاقتصاد ورفع مستوى المعيشة. إنني واثق من أنهم لا يطيقون أن يشاهدوا تلك الصور مرة أخرى. فبعد عقد على وصول الديمقراطية الأميركية لا يزال ثمن حرية القرار بثمن ربطة الخبز.