أم علي.. وأبو علي

TT

وجه سؤال لرجل نباتي كأستاذنا الموقر أنيس منصور، عما إذا كان انقطاعه عن تناول اللحم راجعا إلى أسباب صحية!.. فأجاب: «نعم، إن صحة الحيوان هي التي تعنيني كثيرا».

غير أن السؤال الذي يؤرقني منذ أن كنت في مهادي، ولا أستبعد أنه سوف يطاردني ويؤرقني حتى لو كنت في كفني، هو: إذا لم تأكل الكائنات بعضها بعضا، فماذا تأكل؟!.. هل نحن نعيش فعلا في عالم متوحش ونحن لا ندري؟!.. ثم من هي الفريسة ومن هو المفترس؟!.. وإنني على أتم الاستعداد لأن أراهن أي قارئ كريم أو غير كريم منكم - على اللي في جيبي - إذا استطاع أن يدلني على ذلك الكائن الذي يأكل نفسه بنفسه من أول ما يولد إلى أن يموت - طبعا الملائكة والعفاريت خارجون من الموضوع لأنني لا أريد أن أخسر الرهان - وعلى فكرة حتى الإنسان النباتي يأكل كائنات حية من النبات.

وبما أننا بصدد الأكل والمأكولات فإنني بصراحة أصطفي من الأكل تحديدا (زنود الست)، يا عيني عليها.

ولا أنسى أنني قبل أيام كنت معزوما في مناسبة باذخة، وبينما كنت حاملا طبقي أمام البوفيه لكي أحلّي، وكان بجانبي أحد الأخيار، أشرت له على صنف معين أريد به أن أدلل على ثقافتي الأكلية، قائلا له: هذه هي (أم عليّ).. فرد علي من دون أن يلتفت إلى وجهي، وهو يشير (للطرنبه) - أي بلح الشام - قائلا لي: «وهذا هو أبو علي».

أخذت أنظر لأم علي، ولأبو علي، وهما بجانب بعضهما بعضا على الخوان، وأقول بيني وبين نفسي: فعلا (لايقين لبعضهما بعضا)، وسبحان من جمع ووفق. تناولت أنا أم علي، وتناول الرجل الخيّر (الطرنبه).

فالنفس وما تشتهي.

***

كنت أعتقد إلى وقت قريب أنني أفهم في النساء مثلما أفهم في الفن، إلى أن خاب ظني وصدمت صدمة ما بعدها صدمة، عندما كنت أتناقش مع أحدهم عن الفن الحديث، هو له وجهة نظر، وأنا لدي وجهة نظر مغايرة جدا، لكنه أخرسني عندما قال: ما أشبه اللوحات الفنية الحديثة بالمرأة، لن يمكنك التمتع بها قط إذا حاولت أن تفهمها.

هل تصدقون أنني عندما سمعته يقول ذلك أحسست بأن غشاوة قد زالت من عقلي، فاستسلمت له قائلا: إن كل ما قلته أنت صحيح، وإنني سوف أسير على خطاك.

وأعدكم بأنني من بعد اليوم لن أحاول ولو مجرد محاولة، أن أفهم أي امرأة.. سوف آخذها على (علاتها) وايش ما يكون يكون.

لكن وقبل أن أقوم من مكاني لدي سؤال أطرحه عليكم وهو: هل صحيح أن إخفاء أي شيء عن المرأة، أشبه بمحاولة إخفاء ضوء النهار عن الديك؟!

[email protected]