تستاهل: أخوكم جعفر نميري!

TT

رأيت معهد الرازي للسموم في طهران. وفي هذا المعهد كل أنواع الحشرات والزواحف السامة.. فيأخذون من أنيابها وقرونها السموم ويبيعونها لشركات الأدوية. وفي المعهد كائنات مخيفة: العناكب والعقارب والأفاعي، وكلها موضوعة في أحواض من الزجاج السميك المكشوف ولها روائح كريهة. والثعابين تحاول أن تصل إلى الزوار ولكنها تنزلق على جدران الزجاج، والناس يتفرجون على الثعابين التي تطلق كرات من السم على عيون الناس. وقد دعاني أحد الأطباء إلى تجربة.. أن ألصق وجهي بالزجاج من الخارج وسوف أجد أفعى تقترب ثم تبتعد وتطلق كرة من السم في مواجهة عيني بالضبط. وهي تستخدم هذا السم لتصيب فريستها بالعمى ثم تهجم عليها.. وهناك أنواع من الثعابين من كل لون وحجم ومن القارات الخمس.

وتصادف أن كنت في الخرطوم عندما أعلنوا أنهم اصطادوا أفعوانا ضخما.. وهذا الأفعوان قصير الذيل فقد كانت هناك محاولات لقتله ولم يصيبوا إلا ذيله فقطعوه. وإلى جانب ذلك فهو يرى بعين واحدة. ولذلك كان في غاية الشراسة. وذهبت إلى الحديقة. ووصلت بعد إغلاقها بدقائق. ووقفت عند البوابة وجاء الحارس وقال لي: أنا رأيت صورتك مع الرئيس نميري أمس.. أنت مين؟ قلت: مصري. قال: أهلا وسهلا وتريد أن تتفرج على الأفعوان الذي اصطدناه، إن عندكم في حديقة حيوان الجيزة واحدا ولكن أصغر سنا وطولا وحجما. انتظر هنا.

وفتحت الباب ووقفت خارج الحديقة. وجاء شيء ضخم لونه أغبر يتلوى ورأسه حائر. واتجه نحو البوابة. شكله فظيع. وناديت الحارس وقلت له: كفى. كفى..

قال: خائف؟ قلت: نعم..

قال: لا تخف.. واقترب من الأفعوان ووضع يده على رأسه وأمسك رقبته وركب فوقه وراح الأفعوان يتحرك في سرعة غريبة. وهنا فتحت الباب ودخلت أقترب من هذا الوحش.. وله رائحة كريهة ويتنفس بصورة عصبية ولسانه يدخل ويخرج ويقترب مني. ودفعني نحو الباب. وأعتقد أنني فقدت الوعي.. ووجدتني أصطدم بالأعواد الحديدية مرة ومرتين. والحارس يتفرج. ويبدو أن الأفعوان كان يحتاج إلى شجرة لكي يدفعني إليها. ويلف نفسه حولنا ويعتصرني حتى الموت..

ولا أعرف كم من الوقت مضى. ووجدتني في أحد مستشفيات الخرطوم وإلى جواري باقة من الورد مكتوب عليها: تستاهل!

أخوكم جعفر نميري!