«خوش» احتساب!

TT

الاحتساب له أصوله ووسائله وأساليبه، والذين يقتحمون غرف المرضى في بعض المستشفيات لإشعارهم بدنو أجلهم، ومناقشتهم في قضايا التوبة والاستغفار، أولئك ليس لهم نصيب من آداب الاحتساب وأخلاقياته، فهم بأساليبهم الفجة يمكن أن يجلبوا اليأس إلى نفسيات تحاول التشبث بالأمل، فيحولون حياتهم إلى عذاب، وحسنا فعلت وزارة الصحة السعودية، وهي تحذر المستشفيات من أولئك الأشخاص الذين يزعمون أنهم محتسبون، ويقتحمون غرف المرضى في بلادة، وفي تقديري أنه لا يكفي منع هؤلاء من زيارة المرضى، بل تجب محاسبتهم من قبل الجهات المختصة جراء ما يقومون به جهالة، من تدمير مقصود ومتعمد لشريحة من المرضى في حاجة إلى غرس الأمل، وتغليب الرجاء. فهؤلاء ليسوا محتسبين، بل جهلة متعالمون، فالتعامل مع المرضى في هذا الشأن، في ظروف معينة، يتطلب مهارات وأساليب وخبرات قادرة على تكثيف الأمل في الحياة، والرجاء في الله، والحث على التوبة، وفي العالم المتقدم يحيطون أصحاب الحالات المرضية الحرجة بفريق نفسي متخصص، يتولى إرشادهم، وتعزيز صبرهم، ومن واجبنا هنا، إن لم نمتلك مثل هذا الفريق، أن نعمل على حماية المرضى من زوّار الغفلة، وأدعياء المعرفة بالدنيا والآخرة.

** فضة الكلام

لو لم يسبقنا الغرب إلى الهاتف لاخترعناه، فأول من افتضح أمر عشقه في مدينتنا قديما - قبل زمن الهاتف - شاب ضُبط مخترعا هاتفه الخاص مع بنت الجيران، إذ أوصل حبلا طويلا بين بيته وبيتها، مثبتا في طرفي الحبل علبتين من الصفيح، ومتوهما أن ذلك سوف يساعد على نقل أشواقه إليها، وحينما كشف أمره، تم تقييده بالحبل نفسه، الذي حمل لواعجه، ليتلقى «علقة» ساخنة من كل خصوم الحب في الجوار.

اليوم بلغ عدد المشتركين في الهاتف الجوال في بعض الدول العربية ضعف عدد السكان، وإذا وضعنا في الاعتبار الأطفال الصغار، والمسنين، والصم، والبكم، فذلك يعني أن حصة هؤلاء من الهواتف ستذهب إلى غيرهم، وبالتالي قد يصل نصيب البعض من الهواتف الجوالة إلى أربعة أو خمسة، ولو أن مخترع الهاتف قام من قبره، وشاهد الحالة التي نحن عليها، لصاح من دهشته كما كانت تفعل الممثلة الراحلة أمينة رزق، وهي تصرخ:

- يا لهوتي.

فالكل اليوم قد زهد في ذهب السكوت وآثر فضة الكلام.

[email protected]