التعليم.. لكي لا يطول الطريق

TT

الذي يمسك العصا من المنتصف لا يهش ولا ينش، والذي يغرق في حساب التوازنات لا ينجز أمرا، ولا يحقق غاية، فالذين قادوا التطوير على مستوى العالم، هم الذين آمنوا بأفكارهم، وعملوا على تنفيذها، بعيدا عن حساسية رفض البعض لها، وللإمام الشافعي قول: «رضا الناس غاية لا تدرك»، وبعض هذا الكلام انطبق على وزارة التربية والتعليم في السعودية سنوات طويلة، ظلت خلالها ترفع شعار التطوير للمناهج والمقررات الدراسية وأساليب التعليم، في الوقت الذي كانت تراوح مكانها، ولم تحدث أثرا يدل أو يشير إلى حدوث تغيير يذكر، وكأن السبيل إلى الهدف المرجو تحقيقه يلفه الضباب والغموض.

اليوم تمر هذه الوزارة بمرحلة تاريخية حاسمة، فثمة دماء جديدة، وطموحات جديدة، وبالتأكيد أحلام جديدة، تدعمها قيادة راشدة تؤمن بأن التعليم يمثل البوابة الطبيعية لأي تطور ونهوض وتغيير. ويفترض أن تكون لهذه المرحلة شخوصها وأدواتها ووسائلها في رسم المناهج والكتب الدراسية والخطط المستقبلية، ولا يكفي قول المتحدث الرسمي للوزارة عقب الضجة التي أثارها كتاب «الفقه والسلوك» في المرحلة الابتدائية بأن «ليس لأي مشارك في التأليف تضمين الكتاب آراءه الشخصية في موضوعات المقرر»، وأن الوزارة لا تعنيها الآراء الشخصية للمؤلفين والمراجعين خارج سياقات المقررات الدراسية، فاللهم إني لا أفهم كيف يمكن الفصل بين موقف الفرد والعمل الفكري الذي ينتجه ويعده.

ولفت نظري في كلمة وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبد الله، التي وجهها بمناسبة بدء العام الدراسي، رغبته في إيجاد بيئة تقويمية وتنظيمية مستقلة عن الوزارة، ووجود مثل هذه البيئة ضرورة تفرضها سياقات أهمية الوقت، وحساسية المرحلة، وضرورة الاتساق مع روح العصر ومتطلباته، لكي لا يطول الطريق، فالتعليم ينبغي أن تكون له انعكاساته الواضحة على المجتمع خلال فترة زمنية يمكن تحديدها من بدء انطلاقته، فكل الدول المتقدمة اليوم هي ثمرة تعليم خططت له عقول استشرفت نتائجه ومكتسباته، ولو كانت لدينا مثل هذه البيئة التقويمية منذ زمن لدقت أجراس التنبيه إلى مكامن الخلل في الوقت المناسب. ومن منطلق الإيمان بالتعليم وأدواره المحورية في نهضة الأمم وتقدمها، أتمنى أن تكون خططنا التعليمية قد استوت على الجادة، واهتدت إلى الفنار الذي تبحر بسفنها مطمئنة في اتجاهه.

[email protected]