ألا يقسو على حنجرته!

TT

حكاية المطرب الفرنسي الأرمني أزنافور معروفة. إنها اتخذت شكل الأسطورة. يقال إنه كان يعمل سائق تاكسي في باريس. وتصادف أن ركب معه أحد موظفي الإذاعة والتلفزيون الفرنسي. وانتهز أزنافور هذه الفرصة وراح يغني. وطبيعي أن يلتفت الراكب إلى ذلك فسأله:

أغنية من هذه؟ فقال: أغنيتي..

- تأليف من؟

- تأليفي..

- تلحين من؟

- تلحيني..

فقال الرجل إن الواجب يقتضي أن أقدمك للإذاعة فورا.

وكانت هذه البداية للمطرب الشهير أزنافور.

جاء أزنافور إلى القاهرة وغنى في معظم الفنادق والأندية الرياضية. وكانت التذاكر غالية جدا والزحام شديدا. ولم يكن يتوقع أن يلقى هذه الحفاوة البالغة. وطلب إليه الجمهور أن يغني لمطربين آخرين. فغنى للمطربة الشهيرة إديث بياف صديقة الأديب كوكتو الذي مات بعد أن صدمه خبر وفاتها.. مات بعدها بيوم..

وفي جلسة في زورق في النيل سألت الموسيقار والمطرب الشاعر أزنافور: ما هي الشروط اللازمة لأن يكون الإنسان مطربا؟

قال أزنافور: أن يكون في صحة جيدة. وأن يكون طويل النفَس. وأن يستمع كثيرا إلى الموسيقى والأغاني. وقال: إنه في معهد الموسيقى في باريس يعلمون الطلبة الغوص تحت الماء. وكيف يبقى تحت الماء أكبر مدة ممكنة. الغرض من التدريب هو التحكم في النفَس. ولا بد من الدراسة ولا بد من إجادة العزف على آلة موسيقية واحدة على الأقل.. وأن يترفق الفنان بحنجرته وألا يرهقها وألا يقسو على جسمه.. وإذا استطاع ألا يدخن وألا يشرب الخمر وألا يسرف في الجنس.. فقد اختار الطريق الصحيح والبداية الناجحة. ولا توجد خلطة سحرية للنجاح.. إنها كل الذي قلت!

ثم قال: وأن تؤجل كل المشاريع العائلية.. الزواج والطلاق.. أي لا يقوم بعمل يشتت تفكيره..

فسأل أحدهم أزنافور: وهل فعلت كل هذا؟

فقال: أنا سائق تاكسي.. ولم يخطر على بالي أن أكون مطربا.. وعالميا بعد ذلك.. فحاولت أن أنقذ ما يمكن إنقاذه.. ولكنني لست نموذجا جيدا لما يجب أن يكون عليه المطرب الذي يريد أن ينجح. صدقوني..

وصدقناه..