دوختنا هذه الكلمات!

TT

قبل حرب 1967 عقد الرئيس عبد الناصر مؤتمرا صحافيا هاجم فيه دول العدوان الثلاثي، ووصف مستر إيدن رئيس وزراء بريطانيا بأنه رجل «خرع»، بكسر الخاء والراء.. ولم يكد المراسلون الأجانب يسمعون هذه الكلمة حتى اتجهوا إلى كل مصر يسألون عن معنى هذه الكلمة، واتجهوا إلى المعاجم، وبعضهم اكتفى بما سمعه، على أن يعود إلى بحث معنى الكلمة في ما بعد. والكلمة معناها أنه رجل ضعيف.. ليّن هزيل!

وفي حرب العراق ظل وزير الإعلام العراقي يوالي الهجوم على الأميركان من كل مكان يجد فيه ميكروفونا، وكان يستخدم كلمة: «هؤلاء الأميركان العلوج.. هؤلاء العلوج». وعلى الرغم من أن الموقف يبعث على الأسى، فإن الناس كانوا يضحكون لسماع هذه الكلمة ويندهشون كيف للوزير العراقي أن يستخدم لفظا نابيا هكذا. مع أن معنى «علج» أو «علوج» هو جبان وجبناء.. وكان الوزير العراقي قد أدرك أو قيل له إن هذه الكلمة تضحك الناس فأسرف في استخدامها وشتم الذين يستغربون الكلمة مع أن الأميركان يستحقون أسوأ ما في اللغة العربية وأية لغة أخرى!

وفي حين نشكو ونتشاكى من سقوط الأغاني المصرية، واستخدام ألفاظ نابية في الأغنيات، أو أنها أفلست فلم نعد قادرين على أن نجاري الأغاني الأوروبية.. تلك الأغاني التي نسمعها ونقول: الله، ونطلب المزيد، فبعض الأغاني الحديثة تقول: الله يخرب بيت أهلك. في ستين داهية إنت وأمك. حياتي مماتي. أشوف فيك يوم. دعوة ولية ساعة مغربية، فجأة ظهرت أغنية تقول: «أنا مش خُرُنج». ومن دون أن يعرف الناس معنى هذه الكلمة، فإن شكلها وصوتها يبدو أنه قبيح. ولا بد من أن نتساءل: والمعنى إيه؟ أما المعنى فهو أن «الخرنج» هو الساذج العبيط.. أو يقال في وصف المحبوبة: مش بنت ناس ولكن «تيك أواي»!

ولأن الأغنية المصرية انحطت وتدنت فقد سقطت على الأرض وأصبح لسقوطها صدى، فلا نتوقع ما هو أسوأ من ذلك.. الله يخرب بيت المطرب والملحن والشاعر الغنائي!

وعندما كنت أترجم مذكرات روميل سنة 1950، وهو أول عمل قمت به في صحيفة «الأهرام»، كانت تعترضني كلمة ولم أجد لها معنى.. فكنت أقفز فوقها، وخجلت أن أسأل أحدا عن معناها، وبعد أن فرغت من الترجمة، اكتشفت أن كلمة «جريز» هي اسم نوع من السجائر يدخنها الجنود!