كيف خدعوا أبو مازن؟

TT

يستأهل الرئيس الفلسطيني محمود عباس جائزة أسوأ مفاوض في العالم الذي يحتفل بإحدى مناسبتين، وقف المفاوضات أو وقف الاستيطان. فمع تقديري لهذا الرجل النبيل إلا أنه يخطئ عندما اختزل مطالب الشعب الفلسطيني كلها في إيقاف الاستيطان الذي صار أقصى طموحاته! بذلك أسعد فريقين، الإسرائيلي المتطرف، وحماس التي تريد تخريب أي عمل لا تشارك فيه. قزم الرئيس أبو مازن المطالب الفلسطينية المشروعة في مسألة واحدة هي وقف الاستيطان الذي هو أصلا عمل غير شرعي، وما بني على باطل فهو باطل. جعل وقف الاستيطان أقصى طموحاته بعد أن كانت تحرير الأراضي المحتلة، وحق اللاجئين في العودة، والقدس عاصمة، والسيادة، والدولة. الآن يستطيع أبو مازن أن ينام سعيدا لأن المفاوضات ستتوقف. طبعا أبو مازن سينام مرتاحا وسيستمر الاستيطان، وثقوا أنه سيعود إلى التفاوض بعد عام عندما يكون الإسرائيليون قد بنوا آلافا من البيوت، ووسعوا مستوطناتهم وانشغل أوباما بالاستعداد للانتخابات، فما قيمة هذا الشرط الذي لم يطلبه ياسر عرفات في سنوات المفاوضات، ولم يطالب به السوريون أيضا في مفاوضاتهم حول الجولان من قبل؟

لقد احتفل المستوطنون بالقرار، وشكروا أبو مازن على أخلاقه العالية، وعادوا إلى تسلق السقالات وخلط الإسمنت. أما الإنسان الفلسطيني يطالع فرصة أخرى تتبخر، وسط خيبة أمل كبيرة. والإنسان الفلسطيني يعرف أن قيادته ستعود لاحقا تساوم على حقوق أقل، نفس التراجيديا الفلسطينية تتكرر منذ عام 48.

وضع الرئيس الفلسطيني نفسه في زاوية حرجة والآن لا يدري كيف يخرج منها. بدد وقت أوباما، وفوت أوراق المساومة الأميركية التي كان يمكن أن يستخدمها في مسائل أهم. والغريب أن أبو مازن الذي يشعر بالغضب لأن الاستيطان سيبدأ يفترض به أن يكون سعيدا لأنه حقق مكسبا هاما، وهو أن الوسيط الرئيس باراك أوباما اختصر زمن المفاوضات المسموح به إلى عام واحد فقط لا عامين. انتصار أهم من وقف الاستيطان. فمفاوضات العام الواحد ستمنع المماطلة، وستفرض مفاوضات جادة، وستختصر زمن البناء الاستيطاني، وأهم من ذلك تمنح أوباما فرصة زمنية تسبق زمن الانتخابات الرئاسية الأميركية بعام على الأقل.

وحتى لو عاد نتنياهو وأوقف الاستيطان سيكون هناك ثمن لتراجعه الرمزي الذي سيدوم لثلاثة أشهر جديدة فقط، فما الذي سيكسبه الوفد الفلسطيني من وراء تسعين يوم تجميد جديدة. قررت منح أبو مازن جائزة أسوأ مفاوض في العالم لأنه حتى بإصراره لم يشكره أحد. فقد ادعت حماس أنها من فرضت عليه هذا الموقف. وإسرائيل تتحداه سواء جمدت البناء أو استأنفته، سيصبح البناء قصة العالم وتساؤلاته، هل جلب سيارات الكارافانات استيطان، وهل توسيع حمام في بيت استيطان؟ هل بناء مدرسة استيطان؟ صار الاستيطان هو القصة، ماذا حدث للأرض والقدس واللاجئين؟

[email protected]