وجوه من زمن الفاتنات

TT

«سلطانات الشاشة: رائدات السينما المصرية» للزميلة منى غندور، متحف جمالي مصور، واستعادات ممتعة لحقبة من تاريخ مصر وتاريخ الفن. بعضها سبق أجيالنا ولم يصل إلينا إلا بالاسم. وفي هذا المؤلف الاستذكاري تقدم منى غندور صورا وشهادات ومقابلات وملصقات أفلام، تدغدغ كلها في مشاعرنا أوتار الحنين إلى زمن لا يستعاد، إلا هكذا، صورا من الماضي وحكايات تحكى.

بدأت السينما المصرية مع ممثلات غير مسلمات، لأن المرأة المسلمة كانت ترى في التمثيل عيبا. وكانت منيرة المهدية أول مسلمة تظهر على الشاشة. وبسبب التقاليد لمعت وجوه لبنانية، لم أصدق جمالها وأنا أتأملها: ربما لم تكن غريتا غاربو أجمل من ماري كويني أو مارلين ديتريش أجمل من آسيا داغر.

أعدت مرارا التأمل في أناقة تلك الأيام وفي ألق السينما المصرية التي كادت تخطف ذات مرة الرجل الذي أصبح رئيس البلاد.

ويتذكر أنور السادات في «الجمهورية» عام 1955: «قرأت إعلانا تطلب فيه الفنانة أمينة محمد وجوها جديدة لفيلمها الذي كانت تزمع عمله وهو فيلم (تيتا وونغ). وأذكر أنني توجهت إلى مقر الشركة في عمارة بشارع إبراهيم باشا، حيث جاءت الفنانة أمينة محمد واستعرضتنا جيئة وذهابا، وكنا أكثر من عشرين شابا، انتقت منا اثنين، وطلبت من الباقين أن يرسلوا لها صورتين، إحداهما «فيس»، والثانية جانبية، ولم يكن هذا المطلب إلا (زحولة) أي للتخلص منا بلطف».

نتنقل مع أمينة محمد (خالة أمينة رزق) من ضوء إلى ضوء ومن لمعان إلى لمعان، ثم نراها أوائل السبعينات، في جلابية فقيرة، أمام حلة فول، في مطعم صغير، ليس في القاهرة التي عرفت ألقها ذات يوم، بل في أحد أحياء السويس الشعبية. كان همها أن تضع كتابا عن حياتها.. عن الفقر الذي ولدت فيه، والثراء الذي صارت إليه، والبؤس الذي عادت إليه. وكانت تريد للكتاب عنوان «أنا والزمن». وواضح أنه زمن ترصد لسعادتها.. طارد هناءها كما فعل بكثيرات ممن حلت عليهن لعنة الضوء. هكذا غابت بعد سنوات أيضا أمينة رزق نفسها بعد رحلة عمر طويل على عربة الشهرة.