إرهابيو لندن!

TT

يعيد علينا التقرير الصادر عن مركز أبحاث كويليام، الذي يعتبر أول مؤسسة بحثية لمكافحة التطرف والتيارات الأصولية في بريطانيا، ويديره الإسلامي السابق الباكستاني الأصل ماجد نواز، القيادي المنشق عن حزب التحرير، يعيد علينا تأكيد حقيقة معلومة، وهي أن الإرهابيين والمتطرفين ما زالوا يتصرفون بحرية في بريطانيا، حيث يكشف التقرير عن حجم، وأهمية، المواقع الإنترنتية في بريطانيا التي تدعم التطرف في العالم العربي، وتحرض على قتل الأبرياء، وحتى الجنود البريطانيين في العراق، وغيره. فالتقرير بالنسبة للمتابعين ما هو إلا جرس تنبيه لطالما دق حول خطورة «لندنستان»، حيث ان بريطانيا، ولفترة ليست بالقصيرة، تعد ملجأ للمتطرفين، والمحرضين على الكراهية، وقتل الأبرياء تحت مبرر الجهاد، مستغلين قوانين الحرية هنا، وهذا أمر عانت منه الدول العربية بلا استثناء، وإن كانت هناك دول عربية استفادت من هؤلاء المتطرفين، بأشكال مختلفة، نظرا لقصر النظر، والمماحكات التي تتم بين الدول العربية من فترة لأخرى.

المحير أن الإعلام البريطاني، بأنواعه، يحرص على كشف أشكال التطرف في الدول العربية، والإسلامية، رغم ما يقوم به كثير من الدول العربية اليوم من وقفة حازمة ضد المتطرفين، وتمويلهم، إلا أنه، أي الإعلام البريطاني، يغفل عن تغطية الحديقة الخلفية له، أي بريطانيا نفسها، وكيف يعشش التطرف فيها، رغم خطورة هؤلاء الإرهابيين على المجتمع البريطاني، وعلى العالم العربي، والإسلامي، فإذا كان للأجهزة الأمنية هنا حساباتها الخاصة، فما هي حسابات الإعلام البريطاني؟

سحبت الكويت جنسية أحد مواطنيها الذي كاد يتسبب في الإضرار بالسلم الأهلي عندما أساء، ومن لندن، لمعتقدات فئة رئيسية من مكونات الشعب الكويتي، بينما لم تحرك بريطانيا ساكنا. واحتجت البحرين على من يحرض على المساس بأمنها القومي، من خلال القيام بأعمال تخريبية، وتحريض طائفي، ولم تحرك لندن ساكنا أيضا، بينما نرى الإعلام البريطاني، والمؤسسات المدنية تترصد بالعالم العربي، والإسلامي، وخير مثال هنا ما طال ويطول باكستان، على مستوى إعلامي وسياسي، بحجة أنها لا تحارب التطرف بما فيه الكفاية، بينما يتم التغافل، والتساهل، بحق من يستخدمون الأراضي البريطانية لبث سموم التطرف، والإرهاب في العالم العربي والإسلامي؟

وعليه فإن على البريطانيين، حكومة، وإعلاما، ومؤسسات مدنية، أن يمعنوا النظر جيدا بخطورة من يستغلون الحريات لنشر سموم التطرف، فتاريخ هذه الجماعات المتطرفة يظهر بكل وضوح أنهم دائما ما ينقلبون على من آواهم، وما تفجيرات يوليو (تموز) 2005 في لندن إلا دليل بسيط على ذلك.

وليس المقصود بالطبع ترصد كل من أطلق لحيته، بل المهم ترصد، وتعقب، كل من أطلق فتوى، أو تحريضا على القتل والكراهية، فالتحريض أخطر من القتل، فمن يطلق رصاصة تنتهي قيمته مع إطلاقها، لكن المحرض قادر على استقطاب إرهابيين جدد كل يوم، وهذا يعني زعزعة للاستقرار، واستهدافا للأبرياء، وحتى للبريطانيين أنفسهم، فإذا كان البريطانيون لا يكترثون كثيرا بما يتهدد العالم العربي، أو الإسلامي، فهل يعقل أنهم لا يكترثون أيضا بسلامة مواطنيهم؟

[email protected]