معلم يا معلم!

TT

العنوان ليس تهكما على وزير الخارجية السوري، بل هو تسليط للضوء على درس مجاني قدمه وليد المعلم للرئيس الفلسطيني بكيفية التعاطي مع ملف السلام؛ فبينما يريد محمود عباس غطاء عربيا لكل خطوة يقوم بها مع إسرائيل، وتحديدا قضية المستوطنات، ويهدد بإيقاف المفاوضات دون أن يقول لنا ما هو البديل، نجد أن المعلم قد صال وجال بنيويورك بكل «رشاقة»، دبلوماسية بالطبع، لخدمة مصالح بلاده، دون اكتراث برأي عام أو بحث عن غطاء!

تحدث المعلم في الأمم المتحدة عن المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين قائلا «في إسرائيل يتحدثون عن السلام ويقومون في الوقت نفسه بقرع طبول الحرب، وابتلاع الأرض بالاستيطان. أوشكت مشاريعهم الاستيطانية أن تجعل من حل الدولتين مجرد كلام يقال». كلام جميل لمن يحب سماع هذه الكليشه. لكن المعلم، وفي نيويورك أيضا، كان مهتما باستئناف المفاوضات السورية الإسرائيلية، حيث نُقل عن بي جي كراولي مساعد وزيرة الخارجية الأميركية بعد اجتماع كلينتون مع المعلم، والحديث عن تنشيط المحور السوري - الإسرائيلي، أن المعلم كان «مهتما جدا بالسعي لذلك، وكان هناك تعهد بتطويرنا بعض الأفكار حول كيف يمكن التقدم للأمام». بل إن المعلم نفسه قال في خطابه إن سورية «مستعدة لاستئناف مفاوضات السلام»!

والأهم من كل ذلك، وردا على سؤال «الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت سورية قد بحثت قضية تجميد الاستيطان، خلال لقاء المعلم وهيلاري، قال كراولي «تطرقوا للمسار الفلسطيني - الإسرائيلي، ولكن لم يكن الأمر جوهريا خلال اللقاء.. إنهم مروا مباشرة إلى مصالحهم المباشرة».

وهذا بيت القصيد، والأمر الذي لم يستوعبه عباس بعد، فالجميع يبحث عن مصالحه، أما القضية فهي مجرد شعارات، فها هي حماس، في سبيل البحث عن دور، ترتمي في أحضان الإيرانيين مرة، وفي أحضان السوريين مرة أخرى، ولا تتردد في مغازلة الأميركيين، حيث باتت مطالب حماس مثل مطالب السلطة دون أن تتعرض الحركة لانتقاد، ودون البحث عن غطاء!

الأمر نفسه ينطبق على السوريين الذين يجددون استعدادهم لاستئناف المفاوضات رغم ما تفعله إسرائيل يوميا بالجولان، حيث لم تحتج دمشق بضرورة وقف البناء. فمن المعلوم أنه إذا ما تم التوصل لقرار سلام فإن فاتورة تلك المباني لن يدفعها الفلسطينيون، أو السوريون بالنسبة للجولان، وهذا ذكاء سوري بالطبع، فالمستوطنات لن تكون عقبة أمام السلام، وهذا ما رأيناه بمعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية.

وعليه، فإن أهم ما قاله المعلم بنيويورك، ولم يستوعبه أبو مازن، هو قوله «نملك إرادة صنع السلام.. ونملك قرارنا» فيجب أن يملك عباس الإرادة والقرار، وعليه أن يتذكر أن هناك دعما دوليا له ولقضيته، وعليه أن يعاود مشاهدة المقطع الذي ضجت فيه قاعة الأمم المتحدة بالتصفيق حين قال أوباما إن الأمل يحدوه لرؤية عضو جديد العام المقبل، ليتأكد عباس من الدعم الدولي له.

الرسالة لعباس هي «خذ قرارك وفاوض.. واصل تعرية إسرائيل أمام المجتمع الدولي، واجعل هدفك إعلان الدولة الفلسطينية، مهما ماطل الإسرائيليون، فما حك جلدك مثل ظفرك يا أبا مازن».