بالتوفيق..!

TT

في المحيط العربي من العالم الإسلامي يكثر الحديث عن المؤسسات والهيئات والجمعيات والأفراد الذين يروجون لأنفسهم على أنهم هم المتحدثون باسم الدين الإسلامي ووكلاء الله على الأرض، فمنهم من يعمل في السر والخفاء ومنهم من يجهر بالعلن ويؤسس توجها أو فكرا وثقافة وحراكا، كذلك منهم من يفرق بين الناس بحسب الشكل والمنظر والمفردات التي يقولونها، ومنهم من يعتبر أن التوجه السياسي هو أساس الدين وأن إقامة الدولة الدينية هو الهدف الأسمى والأهم، ولذلك يأتي خبر اختيار مجلس جديد للأكاديمية الملكية لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي بالعاصمة الأردنية عمان يضم كوكبة من أبرز وأهم الأسماء من العلماء المسلمين في العالم العربي اليوم، كبشارة جميلة للعالم الإسلامي.

فمن المملكة العربية السعودية تم اختيار كل من السيد عبد الله فدعق وهو داعية سعودي أوجد له خطا وسطيا مميزا معتمدا على إرث قديم من علم والده وجده الذي كان فقيه السادة الشافعية بالحرم المكي الشريف، وأصبح يشار له بالتميز والحضور اللامع في مناسبات وندوات ومشاركات في شتى أرجاء العالم الإسلامي، وبذلك يشهد وجوده الإعلامي المميز عبر شاشات التلفزيون والإذاعة والكتب وعموده الأسبوعي، والشيخ سلمان العودة وهو رجل بات يشار إليه بالاعتدال والخطاب العاقل وهو نموذج للتحول الناجح من خطاب متشنج إلى وسطية معتدلة من خلال حضوره الإعلامي الغزير في التلفزيون والكتابة الصحافية والمجلة والكتاب والموقع الإلكتروني، ومن الكويت الدكتور طارق السويدان، وهو المعروف بتركيزه على تطوير الذات والمهارات القيادية والاستثمار في التدريب والتعليم والإعلام بشكل ناجح وفعال وكذلك عرف عنه سرد السيرة والتاريخ الإسلامي بأسلوب مشوق، والشيخ أحمد حسون مفتي الجمهورية العربية السورية صاحب الآراء التقريبية والجهد الدعوي الفعال والعلم الواسع والاطلاع الكبير على الأفكار والثقافات والحضارات مما مكنه أن يكون له دوما الحضور المميز في الندوات والحوارات مع المخالفين من الأديان والتوجهات، وهناك أيضا الشيخ الأميركي حمزة يوسف المعروف بخطابه الدعوي اللين والمحبب للقلوب وقدرته على بناء الجسور بمهارة وفعالية بين الشرق والغرب وبين الدين الإسلام والمسيحي وصاحب الخطاب المقنع والأسلوب الفعال والمنهج السوي. كذلك تم اختيار عمرو خالد الداعية الشاب المعروف الذي أحدث نقلة في الخطاب الإعلامي العام والتعبوي الموجه باسم الدين لفئات الشباب والشابات وساهم في فتح «الإعلام الديني» بشكل مختلف وكان له الحضور والصدى والأثر وحرك المياه ما بين مؤيد له ومتحفظ عليه، كما انضم للمجلس الداعية الشاب معز سعود الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة وله قدرة فائقة ومميزة على تفسير القرآن بشكل مدهش وآسر وهو استطاع اكتساب مكانة مهمة ومميزة في أوساط الشباب المسلم في المهجر.

هذه الكوكبة المهمة من الرجال تنضم لهذه المؤسسة الناجحة بعد أن ضمت مجاميع أخرى من الأفذاذ اللامعين من أمثال: علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر (رحمه الله)، والشيخ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان العلامة الكبير ورجل الدين النابه وعضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، والراحل الكبير الدكتور عبد العزيز التويجري، والدكتور يحيى الساعاتي.

وقد كان لهذه المؤسسة مجموعة من الآراء «التقدمية» الجريئة والمجمعة والرادعة للفتن والمشكلات لعل أبرزها كان الاجتماع الكبير الذي انعقد عام 2005 تحت اسم المؤتمر الإسلامي الدولي حينما اجتمع علماء من مختلف التوجهات وأقروا أن كل أتباع المذاهب الأربعة السنية والمذهب الجعفري والزيدي والإباضي والظاهري هم مسلمون ولا يجوز تكفيرهم ويحرم دمهم وعرضهم ومالهم وكذلك لا يجوز تكفير أصحاب العقيدة الأشعرية (وهم الأغلبية الساحقة من المسلمين) ومن يمارس التصوف الحقيقي، ولا أصحاب الفكر السلفي الصحيح، مستدلين في كل ذلك إلى فتاوى ومرجعيات كبار المشايخ والعلماء والأئمة المسلمين. وهذا النوع من الآراء والفكر الجامع والمستنير هو ما يحتاجه اليوم العالم الإسلامي ويفتقر إليه ويحتاجه بشدة ولذلك تأتي هذه الكوكبة المختارة في هذه المؤسسة المهمة كإضافة ناجحة وبشارة جميلة للعالم الإسلامي وتأكيد أن اسم آل البيت ليس ملك فكر أو فئة إقصائية ولكنه منارة للهدى والتسامح والتوفيق، وما الأسماء التي تم اختيارها إلا تأكيد لهذا النهج. نسأل الله أن يوفقهم ويرعاهم ليكونوا إضافة ونقلة نوعية في الثقافة والفكر الإسلامي المتسامح والمعاصر.

[email protected]