من يريد كوكبا آخر للحياة؟

TT

حسب «BCC»، فإن علماء فلك أميركيين اكتشفوا كوكبا جديدا قالوا عنه إنه يتمتع بظروف مؤهلة للحياة عليه. هذا الكوكب يدور حول النجم «جلياس 581 Gliese» الذي يبعد عشرين سنة ضوئية عن الأرض. وقال العلماء إنه من المرجح أن يكون على سطح هذا الكوكب بعض الماء.

هكذا قال الخبر، والتساؤل حول ما إذا كنا وحدنا في هذا الكون الفسيح المذهل الاتساع والتعدد هو تساؤل قديم وملح على الإنسان، والعلماء حينما ترجموا هذا التساؤل والحلم الخيالي إلى علم ورصد ومعادلات وتتبع للأشعة الكونية البعيدة، إنما كانوا ينقلون عالم الخيال إلى عالم المادة والتحقق، وهذا جزء من إبهار علم الفلك والفيزياء الكونية، لكون هذا العلم هو الجسر الذي تعبر من فوقه أحلامنا من ضفة الخيال إلى ضفة العلم.

حينما عرفنا، بفضل كشوفات العلماء، طرفا من طبيعة الكون المحيط بنا، وسرعات الضوء، وأعداد المجرات، وأحجامها، وما هي أرضنا، وما هو حجمها، وماذا تمثل في المجموعة الشمسية، وماذا تمثل هذه المجموعة إلى مجرتها، وماذا تمثل المجرة إلى بقية المجرات، ودخلنا في مراقبة مدهشة وساحرة لما يقوله لنا العلماء عن ملحمة الكون - عرفنا أننا في كرتنا الأرضية الزرقاء لسنا إلا حبة رمل في صحراء الربع الخالي، مثلا، لسنا بشيء ولا نمثل شيئا بالقياس إلى هذه المسافات والأحجام الخرافية في الكون.

تخيل حجم المشكلات، على هذه الأرض، والحروب والظلم والكذب والجشع، وحجم الدجل والخرافات، وحجم الأحزان الإنسانية، وقصص الحب والحرب، وقيام إمبراطوريات، وانهيارها، وقيام دول وانهيارها، تخيل الإبداع الإنساني في الفنون والعلوم، تخيل من اندثر من الأمم والشعوب، تخيل كم كارثة طبيعية حلت بسكان الأرض، كم ماتوا وكم عاشوا.. كم صرخة حرب وكم زفرة حب؛ كل هذا فقط على ذرة زرقاء في صحراء بلا حدود من الفضاء!

دوما، استحضار موقع الأرض من الكون وموقع البشر من الأرض وموقعك أنت كفرد من البشر، يهون كثيرا من الأمور، ويخفف كثيرا من الاندفاع والغرور، ويقلل من تركيز اليقينيات الجارفة التي لا تبقي ولا تذر وتسبب دمارا وحروبا، وهما وغما للإنسان، بينما كثير من الأمور ليست إلا عابرة نسبية، ليست كما نراها أو نتخيلها.

السؤال: لو كان فعلا هناك كوكب آخر صالح للحياة البشرية، كما يتوقع العلماء، فهل تريد الرحيل إليه؟ وإذا رحلت إليه، ومعك بالطبع بشر آخرون، فهل تتوقع أن يتعلم البشر من أخطائهم على الأرض؟ أم أنها مركوزة فيهم؟ أم ترى أن الحياة ستكون مملة من دون جانب الشر والظلم والتنافس فيها؟!

هي أحاديث من أحاديث الأحلام وخيالات الفضاء، ليس إلا!

[email protected]