العقل عندما (يتربس)

TT

تسلط على (أبو جدّي) رجل مثقف أراد أن يختبرني، أو بمعنى أصح أراد أن يمتحنني ويستعرض أمامي بمقدرته اللغوية، ويكشف أو يفضح مدى هزالي في هذه الناحية، والمؤسف أنه وضعني في هذا المأزق المحرج أمام مجموعة من الأشخاص الذين ما فتئوا يتهكمون على كل جواب أجيبه، وقد سألني على التوالي:

- ما هي الغرافة؟!.. قلت له: هي الكاشفة للبخت. قال: غلط، إنها الملعقة.

- ما هو الطنبور؟!.. قلت: إنه العربة الكارو. قال: غلط، ألا تعرف أنه آلة موسيقية؟.. صحيح أنك متخلف، بل إنك جمل من الصحراء لم ولن يلجم.

- ما هو الأبنيق؟!.. قلت سريعا: الإبريق. قال: ستين غلط، إنه أداة للتقطير مصنوعة من زجاج أو معدن.

- ما هو الكافور؟!.. قلت: بيض السمك. قال: طبعا غلط، مشكلة إذا كنت لا تعرف أنه مادة عطرية.

- ما هو السماق؟!.. قلت: ثعبان. قال: غلط، إنه شجر له ثمر كالعناقيد يستعمل في الطعام.

- ما هي التوتياء؟!.. قلت: إنها المومياء. قال: ما أكثر أخطائك، إنها معدن، وهو ما يعرف بالزنك.

- ما هو الصافن؟!.. قلت: إنه السيف المصقول. قال: لا، إنه وريد في الساق - ثم كشف لي عن ساقه ورفعها إلى الأعلى وأشار إليه بإصبعه.

- ما هو العنبر؟!.. قلت بسيطة إنه المسك. قال: غلط، إنه مادة صمغية متحجرة، وقد تتحول إلى كهرمان.

- ما هي الصفّة؟!.. قلت له: إنها الصوف. قال: غلط، إنها الأريكة التي تجلس أنت عليها الآن أمامي.

- ما هو الليلك؟!.. قلت له: بالله عليك هل هذا سؤال يطرح؟!.. إنه الليل يا حضرة. قال: بالله عليك أنت.. هل هذا جواب يأتي به عاقل؟!.. 100% جوابك غلط، إن الليلك هو اللون الأرجواني الفاتح. عندها سألته: لكن ما هو الأرجواني؟!.. فلم يجبني عن سؤالي لكنه نهرني قائلا: أنا الذي أسأل وأنت الذي تجيب، مفهوم؟ اعتذرت منه قائلا حاضر.

- ما هو الدمقس؟!.. قلت له: السمك. قال: يا للفضيحة، إنه نسيج حريري ينسب إلى دمشق التي تعد أقدم مدينة في العالم.

- ما هي الناعورة؟!.. قلت: أعتقد أنها المطحنة والله أعلم. قال: غلط، إنها آلة قديمة لرفع الماء كانت تسيرها الدواب قديما، وتشتهر مدينة حماة بكثرة وضخامة نواعيرها، ويا ليت تلك النواعير تصب مياهها على رأسك، وتصمخ بأصواتها أذنك.

- ما هو القلوي؟!.. قلت: مقلاة. قال: خطأ، إنه مادة كيميائية تتفاعل مع الحوامض لينتج منها ملح وماء.

- ما هو الرخ؟!.. قلت: أظن أنه الصخر. قال: خطأ، إنه طائر جارح، ورد ذكره في الأساطير.

- ما هو القات؟!.. قلت له وأنا أضحك: إنها أشجار تنمو في جبال اليمن وجبل فيفا وجبال الحبشة، وهي ذات أوراق مخدرة يمضغها بعض الناس.

قال: يا سبحان الله كيف فتح على ذهنك وأجبت لأول مرة جوابا صحيحا؟!

قلت له: بصراحة كانت أسئلتك الأخرى جميعها صعبة.

قال: هي صعبة ولا مخك انت هو اللي (متربس)؟!.. أجب سريعا وبصراحة.

أجبته: الواقع أنه مثلما ذكرت: (متربس).

[email protected]